ملحوظة تاريخية

ولذلك كنت أتحدث إلى الإخوة ونحن في الطريق، أنني توقفت وتعجبت من قضية تأريخية، قلَّ من رأيته أشار إليها، وهي أن الله عز وجل أشار في القرآن الكريم إلى اليهود وأنهم أشد الناس عداوة للذين آمنوا {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا} [المائدة:82] .

ومع أنهم أشد الناس عداوةً للذين آمنوا؛ فهل تتذكرون معركة من معارك التأريخ الحاسمة الفاصلة المشهورة دارت بين المسلمين وبين اليهود؟ هل تتذكرون معركة؟ ما أتذكر، صحيح أن هناك معارك مشهورة واليهود طرف فيها، مثل غزوة خيبر أو بني قريظة لكن لم يكن هناك معركة بالمعنى الحقيقي؛ فبنو قريظة نزلوا على حكم الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم أنزلهم على حكم سعد بن معاذ رضي الله عنه، فحكم فيهم بأن تقتل مقاتلتهم، وتسبى ذراريهم، وانتهى أمرهم بعدما خانوا ونقضوا العهد، وكذلك في خيبر: صحيح أنه حصل قتال، لكن لم يكن بذلك القتال الضاري القوي، إنما كان قتالاً على نطاق محدود، ولذلك الرسول عليه الصلاة والسلام أقر أهل خيبر على مزارعهم، أقرهم عليها وقال: {نقركم فيها إلى ما شاء الله} يشتغلون بالزرع ولهم شطر ما يخرج منها، وهذا دليل على أنه لم تكن كلها فتحت حرباً، كما أشار إلى ذلك ابن القيم وغيره.

وعلى كل حال هذه مسألة تأريخية ومسألة فقهية، إنما المقصود أنه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كانت المعارك مع اليهود محدودة، لكن المعارك الكبرى بدر، وأحد، الخندق، وفتح مكة إلى غير ذلك من المعارك الشهيرة، كانت مع الشرك، ثم بعد ذلك المعارك مع النصارى، وهذه المعارك طويلة استغرقت جزءاً كبيراً من التاريخ، وظل المسلمون قروناً، عدوهم الأكبر اللدود هم النصارى، خاضوا معهم معارك ضارية، سواء في بلاد الشام، أو في مصر، أو في الأندلس، أو في غيرها، فكانت خصومتهم مع النصارى هي الخصومة الأقوى والأعنف.

والفرس لهم مع المسلمين معارك، صولات وجولات، لعل من أشهرها القادسية، المقصود أن أقول لكم بالنسبة لليهود: معاركنا معهم محدودة لا أستطيع أن أتذكر اسم معركة شهيرة كبيرة حاسمة كانت الخصومة فيها علانية بين المسلمين وبين اليهود!! أريد أن أتساءل لماذا؟ مادام ثبت لنا في القرآن الكريم أن اليهود هم أشد الناس عداوة؟!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015