يجب أن نواجه كل مرحلة بما يلائمها، وهذا ما تعلمناه من السلف الصالح رضي الله عنهم، فكانوا يجددون من القضايا والوسائل والطرائق، بقدر ما يستجد من التحديات والمشكلات.
وأذكر لذلك مثلاً قد يكون شكلياً، لكن المقصود أن نعي أنه يجب أن نغير وسائلنا، بتغير وسائل الأعداء: في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وفي عهود الصحابة أيضاً -كان الناس يختلفون في حكم كتابة الحديث النبوي- فمنهم من يقول بتحريم كتابة حديث الرسول عليه الصلاة والسلام، وأن الكتابة يجب أن تكون مقصورة على القرآن الكريم فحسب، حتى لا يختلط القرآن بالسنة ويحتج هؤلاء بمثل حديث أبي سعيد: {لا تكتبوا عني شيئاً غير القرآن، ومن كتبَ عنِّي شيئاً غير القرآن فليمحه} .
وظل الناس يختلفون حتى كان من الصحابة من ينهى -ومن أشهرهم عمر - عن كتابة الحديث والسنة.
وبعد ذلك مرَّ بالمسلمين تحدٍ جديد، وهو من جهة غياب ووفاة الأصحاب الذين لقوا الرسول صلى الله عليه وسلم، وسمعوا منه مباشرة، وحاجة الناس إلى الكتابة والتدوين وضبط المصحف من جهة أخرى، بحيث أمن الالتباس، فصار هناك تحديات جديدة ترتبت على أن المحذور زال، وهو خشية اختلاط القرآن بالسنة، فما عاد يُخَافُ؛ لأن القرآن مضبوط في السطور والصدور، والأمر الذي حدث صار يُولِّد عندنا الخوف على السنة من أن تزول أو تنسى أو يضيع شيء منها؛ فلذلك ألهم الله عز وجل المسلمين كتابة السنة، بل والإجماع على جواز كتابة السنة، فقد اندرس الخلاف الذي كان موجوداً في عهد الصحابة وانقرض، وأجمعت الأمة على ضرورة إحداث وسيلة جديدة لتواجه المرحلة الجديدة، وهي كتابة السنة النبوية لمواجهة الأوضاع الجديدة التي طرأت على الأمة الإسلامية.
هذا المثل الصغير يمكن أن نعمِّمَه في قضايا كثيرة جداً، كما أنك لا تواجه المدفعية والصاروخ والحرب المدججة، بالسيف والخنجر والسكين والحجر؛ كذلك لا يمكن أن تواجه خطط الأعداء الجديدة الطارئة بوسائل قديمة مألوفة لا بد من تطوير وسائل مواجهة كيد العدو، ولهذا كان الحديث عن أن الأمة تمر بمرحلة جديدة.