وإذا نظرت إلى المجتمعات الموجودة على ظهر الأرض؛ وجدت أن المجتمعات الأوروبية الكافرة مجتمعات متمزقة ومتشتتة، لا يعرف الابن أباه, ولا يعرف الأب ابنه، ولا الأخ أخاه, إلا أن يلتقي به في عرض الشارع؛ فيسلم عليه بيده وهو يمشي دون أن يتوقف لأداء التحية.
فإذا نظرت إلى جيل الآباء من كبار السن، وجدت أنهم يوضعون في أماكن خاصة لهم؛ حين ينتهون من الحياة ويعجزون عن المواصلة في أعمالهم يودعون في هذه المراكز الخاصة بهم أو المستشفيات أو غيرها ولا أحد يهتم بشئونهم، حتى إن الذين عاشوا هناك وشاهدوا بأعينهم، يقولون: إن الأب يشعر بعظيم الامتنان لابنه لو زاره مرة في الشهر! ويقول أحدهم: إنني قد زرت أحد الآباء في هذه المراكز، فوجدته معجباً بي، ويثني عليّ أبلغ الثناء ويبجلني ويمجدني، ويقول: إن له ابناً لا يكاد يوجد له مثيل في عالمنا اليوم! فقلت له: وماذا يصنع لك ابنك؟ قال: إنه لا يتركني من الزيارة في كل شهر مرة, ولو دعته ظروف إلى تأخير الزيارة، فإنه يتصل بي بالهاتف حتى يعتذر عن هذه الزيارة!! ومع ذلك فإن هذا الأب يعتقد ويظن أن ابنه ابناً مثالياً يكاد لا يوجد له مثيل! وذلك لأن تلك المجتمعات الكافرة لم تستظل بظل الإسلام, ولم تعرف الحقوق التي جعلها الإسلام -داخل الأسرة- للأب على أبنائه، وللابن على أبيه, والأخ على أخيه وهكذا وهذا جانب من جوانب التميز التي انفرد بها الإسلام عن غيره من الأنظمة البشرية، وانفرد بها المجتمع الإسلامي عن غيره من المجتمعات.
والموضوع الذي نتحدث عنه وهو "دور الشاب المسلم في بيته" هو يعبر عن جزء من هذه القضية الكلية؛ ولذلك، فإنني سأقتصر على الحديث عن هذا الموضوع؛ بل عن جوانب فيه.