Q تسأل كثير من النساء عن التصرف في شعر الرأس في تقصيره، أو تسريحه، أو ما أشبه ذلك، أو جعله ضفيرة واحدة، فحبذا لو بينت لنا ما يجوز من ذلك وما لا يجوز؟
صلى الله عليه وسلم بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد ففيما يتعلق بموضوع الشعر وكيفية تصرف المرأة في شعرها، هناك جانبان لا بد من مراعاتهما: الأول: أن الله تبارك وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم حرم على المسلمين ذكرانهم وإناثهم التشبه بالكافرين فقال الله عز وجل: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} [الحديد:16] فحذرنا سبحانه أن نكون كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم، وكذلك الرسول عليه الصلاة والسلام قال في الحديث الصحيح الذي رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني وغيرهم عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {من تشبه بقوم فهو منهم} وهذا اللفظ عام {من تشبه بقوم فهو منهم} أي: في الخير والشر، وإن كان سياق الحديث يدل على أن التشبه المنهي عنه هو المقصود بالأصالة، ولكن يمكن أن يكون معنى الحديث عاماً، فمن تشبه بالصالحين والسلف والصحابة والتابعين رجالاً ونساءً فهو منهم، ومن تشبه بالمشركين واليهود والنصارى فهو منهم، والفتاة التي تتشبه -مثلاً- بعارضات الأزياء، وبالممثلات، وبالمغنيات، فهي تحشر معهن، وهى معدودة منهن في شرع الله، ومن تشبه بقوم فهو منهم، وهذا هو مضمون قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} [المائدة:51] فإن التشبه نوع من التولي، فأي عمل فيه تشبه أو يقصد من ورائه التشبه بالمشركين فهو حرام، سواء كان في اللباس، أو في غيره لهذا العموم.
ولذلك فكون بعض الفتيات تتابع الموضات والأزياء والتسريحات كما يقولون ففي كل وقت تسريحة لها طريقة خاصة ونظام خاص، وهذه التسريحة تصدر من عند أصحاب التجميل ودور الأزياء وتصفيف الشعر في الدول الأوروبية، وتصدر إلى البلاد الإسلامية، فتراها الفتاة المسلمة ظاهرة على الممثلة -مثلاً- أو المغنية، فتقلدها في ذلك، وهذا أثر آخر من آثار مشاهدة المسرحيات والأغاني وغيرها من الأمور التي حرمها الله عز وجل على المسلمين، ففي مثل هذه الحال يحرم على المرأة المسلمة التشبه بهؤلاء النسوة في مثل هذه الأشياء.
بل ينبغي على المسلمة أن تكون مستقلة بأمورها وأعمالها وطريقتها في الحياة وطريقتها في التجمل وما أشبه ذلك، أما فيما عدا ذلك فالأصل الإباحة، وقد ورد في صحيح مسلم أن أمهات المؤمنين كن يأخذن من رؤوسهن حتى تكون كالوفرة، وهذا يدل أيضاً على الجواز، ومثله أيضاً طريقة تسريح الشعر وكيفية جدله هل يكون بهذه الطريقة أم بتلك، كل هذه الأشياء الأصل فيها الإذن، إلا إن كان المقصود بشيء منها التشبه بالمشركين فحينئذٍ يكون محرماً، لا لذاته لكن لدخول قصد التشبه فيه، والله أعلم.