التأديب والتعليم

الجانب الآخر والأخير ولعله آخر المطاف هو أيضاً فيما يتعلق بمعاملته صلى الله عليه وسلم لزوجاته فيما يتعلق بتأديبهن وتعليمهن: فإن تعليم النبي صلى الله عليه وسلم لأزواجه أمر واسع، وكما سبق أن المسلمين عرفوا كثيراً من السنة عن طريق أمهات المؤمنين، ولكن أكتفي بمثال واحد يتعلق بتعليم النبي صلى الله عليه وسلم وتأديبه لأزواجه فيما يتعلق بالأحوال البيتية، ومعاملة الرجل لزوجه أو لزوجته، وهو حديث ابن عباس عن عمر رضي الله عنهما وهو في الصحيحين في قصة هجر النبي صلى الله عليه وسلم وإيلائه من نسائه، والحديث طويل وعجيب ولكن لا يتسع الوقت لسرده، إنما الشاهد منه أن النبي صلى الله عليه وسلم أكثر عليه نساؤه في طلب النفقة فآل النبي ألا يقربهن شهراً، وجلس في مشربه ليس له أي عيش، حتى شاع بين المسلمين أن الرسول صلى الله عليه وسلم طلق نساءه، وجلس المسلمون في المسجد يبكون لأن النبي صلى الله عليه وسلم طلق نساءه، نعم بيت النبوة، كان يهم كل مسلم الحفاظ عليه، فالمسلمون رجال كبار يجلسون في المسجد يبكون ويسمع بكاءهم لأن الرسول أشيع أنه قد طلق نساءه، وجاء عمر مغضباً لأن بنته حفصة تحت النبي صلى الله عليه وسلم فجاء غاضباً على حفصة ودخل عليها وقال لها: إنه كان يحذرها من هذا، لأنه كان يقول لها لا يغرنك أن تكون ضرتك -يعني عائشة - أجمل منك، وأحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحذري أن يطلقك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما أردت فأنا أحضره لك، ولا تسألي رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً، فجاء ينبهها إلى هذا الأمر، ثم دخل عمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله: أطلقت نساءك يا رسول الله؟ قال: لا، فكبر ثم خرج، فأخبر الناس، فكونه صلى الله عليه وسلم يهجر نساءه شهراً فهذا نوع من التأديب (هجر المرأة) وهو مشروع إذا دعت الحاجة إليه، لقول الله عز وجل: {وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنّ} [النساء:34] فهذا الأول والثاني: {وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ} [النساء:34] .

والثالث: {وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً} [النساء:34] وشأن الرسول صلى الله عليه وسلم مع زوجاته شأن عجيب.

أيها الإخوة ولو جمعت الأخبار والأحاديث الصحيحة المتعلقة بمعاملته لأزواجه لكان فيها عبرة وأسوة وقدوة، ولكن لا يتسع المجال لأكثر من ذلك.

فيجب علينا معشر المسلمين والمسلمات أن نحرص على الاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم والتأسي به في كل أمورنا الخاصة والعامة، في البيت وخارج البيت، والله أعلم وصلى الله وسلم على عبده محمد وأهله وأصحابه أجمعين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015