ولذلك أقول لكم: كلمة من ناصح لكم، بعد تجارب اطلعت عليها من أعداد غير قليلة من إخوانكم الشباب: أقول: إن أخطر وأهم مرحلة في الزواج؛ هي مرحلة البحث عن الزوجة ولو طالت هذه المرحلة، بعض الشباب إذا هم بالزواج يريد خلال شهر أن يكمل الزواج، وهذه أخطر مرحلة؛ لأن كثيراً من حالات الطلاق، والطلاق مع الأسف الشديد تفشى في مجتمعنا، وقد سألت الإخوة العاملين في الهيئة في أكثر من مدينة؛ فوجدنا أن معظم حالات الفساد التي تكتشف، ممن يقع فيها نساء أو رجال من أهل هذه البلاد؛ تكون من نساء مطلقات أو رجال مطلقين.
إذاً: الطلاق ضرر عظيم، حتى إن الرسول عليه الصلاة والسلام ذكر في صحيح مسلم {إن الشيطان ينصب عرشه في البحر ويبعث سراياه، فإذا رجعوا إليه كل واحد منهم يقول: ما زلت به حتى وفعل كذا وفعل كذا، فعل كذا، فيقول: ما فعلت شيئاً، سيتوب ويستغفر، حتى يأتي أحدهم فيقول: ما زلت به حتى فرقت بينه وبين زوجته، فيقربه ويدنيه ويقول: أنت أنت} أي: أنت الذي فعلت شيئاً كبيراً؛ لأنك فرقت بين الرجل وبين زوجته.
لماذا يحرص الشيطان على التفريق بين الزوجين؟ لأنه يعلم أضرار ذلك، أضراره على الزوج، وأضراره على الزوجة، وعلى الأولاد وعلى المجتمع، وأضراره على الأقارب وعلى الأباعد، ولهذا قضية الطلاق من القضايا التي يحرص الإسلام كل الحرص ألا تتم.
وأنا أقول: إن من أعظم أسباب الوقاية من الطلاق هو أن يحسن الإنسان البحث عن الزوجة الصالحة، وكذلك المرأة تحسن الموافقة على الزوج الذي يناسبها ويلائمها، ولو طالت هذه المدة، فإن العجلة غالباً هي بسبب عدم التجربة، وأن الإنسان لا ينظر في الزواج إلا إلى الجانب الجسدي فحسب، جانب اللذة والمتعة، وينسى أن الزواج بناء بيت جديد، يرفرف عليه -إن شاء الله- الإيمان والتقوى وطاعة الرحمن جل وعلا، قال تعالى: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً} [الفرقان:74] .
فإذا حصل الزواج ثم لم يحصل هناك وئام، فإن كلاً من الطرفين قد تورط مع الآخر، تورطا بعقد، وتورطا بتكاليف وبعلاقات، وأحياناً بأولاد، وبأمور كثيرة، ولم يكن الطلاق مجرد قرار يُتخذ وتنتهي المشكلة، لكن قبل الزواج الخيار بيدك فتريث وانتظر وتربص وتحرى، وكذلك المرأة تفكر في الأمر جيداً.
إذاً: نصيحة ذهبية، أختم بها هذا الحديث للطرفين: هي أنك بكل ما أوتيت من قوة؛ احرص على أن تكون فترة البحث عن الزوج فترة كافية، وأن تكون خلال هذه المدة -أيضاً- واقعياً لا تبالغ، ولا تطلب الخيال أو المحال، لكن أيضاً لا تتعجل وتنظر إلى الجانب المادي أو الجسدي فحسب، فإن الزواج أبعد وأكثر من ذلك.
وختاماً أدعو لنفسي وإخواني بما أوصانا الله تعالى به، وذكر عن عباده أنهم يدعون به فقال: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً} [الفرقان:74] وأدعو بما ذكر الله تعالى عن عباده -عباد الرحمن- أنهم يدعونه به فقال: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً * إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً} [الفرقان:65-66] .
وأسأل الله عز وجل بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يصلح ذراري المسلمين، اللهم أصلح ذراري المسلمين، اللهم أصلح شبابهم ونساءهم وشيوخهم وعلماءهم وحكامهم، إنك على كل شيء قدير، اللهم وفقنا لما تحب وترضى، اللهم أصلحنا في الآخرة والأولى، واهدنا إلى سواء السبيل.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم.
والحمد لله رب العالمين.