الشرط الثالث: الذي يبحث عنه الرجال: الصفات الجسمية.
وهذا لا يحتاج إلى كلام، فإن الرجل يبحث عن الجمال في المرأة، والاعتدال، وهذا أمر لا عيب فيه أن يطلبه الإنسان، بل من الطبيعي أن يطلبه؛ لأنه لا يمكن أن نقول للناس: ابحثوا عن الدين والخلق ولا تبحثوا عن الجمال، فقد يبحث الرجل عن امرأة ذات دين وخلق ولكنه يعزف عنها؛ لعدم إرضائها له، وعدم إشباعها لتطلعه، فيسيء إليها وهي امرأة ذات دين وخلق.
ولهذا يروى أن بعض الأئمة كالإمام أحمد كان إذا أراد أن يتزوج امرأة سأل عن جمالها قبل أن يسأل عن دينها، لماذا؟ لأنه يقول: إذا عرفت أنها امرأة تناسبني في الجمال؛ سألت بعد ذلك عن دينها، فإن ناسبني الدين قبلت وإلا رددتها بسبب الدين، أما كوني أسأل عن دينها، إذا عرفت أنها امرأة متدينة ينبغي أن أقبلها، فجعل الكلمة الأخيرة للدين، وبالتالي جعل الشرط الأخير الذي يسأل عنه هو الدين، حتى يكون يقبوله أو رفضه بناءً على كونها متدينة أو غير متدينة.
وعلى كل حال أيضاً الاعتدال في قضية الجمال مطلوب؛ لأنك لو نظرت في النساء وجدت أن غالب النساء وسط، ليست بالجميلة الجمال الذي يوصف ويذكر، ولا بالدميمة الدمامة التي تعاب بها، وإنما هي وسط بين بين، هذا غالب النساء، فلا تطمع بغير هذا، وقد تجد قسماً قليلاً من النساء من تتميز بجمال، وقد تجد قسماً آخر يتميز بنقص ظاهر في الجمال، فينبغي أن يكون الإنسان معتدلاً في هذا الجانب.
وينبغي ألا يشغلك النظر إلى الجمال الجسدي عن الجمال المعنوي، جمال الباطن -والله الذي لا إله غيره- إنني أقول لكم -أيها الإخوة- عن كلام سمعته من أعداد لا أحصيهم من الشباب الذين جربوا زيجات غير مناسبة، أن كثيراً من هؤلاء قد يكونون عنوا بالبحث عن الجمال، لكن ما عنوا بالبحث عن الجمال الباطن الذي يتمثل في أخلاق المرأة، وسماحة المرأة، وخفة المرأة، فقد يجد امرأة جميلة في الصورة لكنها قبيحة في الباطن، أو ثقيلة في معاملتها، تصبح على نفس الرجل أثقل من جبل، ويتمنى الخلاص منها.
إذاً ليست القضية في المرأة هي مقياس جمال الشكل فحسب، بل ينبغي أن ينظر الإنسان إلى جمال الباطن، وأعظم جمال الباطن؛ هو أن تتزين المرأة بالحياء والدين والخلق.