والشرط الرابع: هو البعد عن مخالطة الرجال ومحادثتهم.
فإن كثيراً من النساء تخرج فتسترسل مع الرجال في الحديث والكلام والقيل والقال، بل منهن من تضحك مع الرجال دون أن يكون هناك حاجة، حتى لو فرض أنها خرجت لشراء حاجة، فتقول: بكم هذه السلعة؟ فإذا أعجبها السعر وإلا تركته.
أما كونه أخذ وعطاء وحديث طويل واسترسال، فالله عز وجل قد ربى وأدَّب وهذَّب زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، خير نساء العالمين، في قوله: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً} [الأحزاب:32] .
فهذا تأديب لـ عائشة وحفصة وزينب وأم سلمة: {إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} [الأحزاب:32] فيمن يطمع؟! يطمع في عائشة وأم سلمة وزينب وحفصة!! فما رأيك أيتها الأخت الكريمة، بك أنت وأختك وقريبتك من النساء، اللآتي لم يرد لهن تزكية أبداً، والفتنة محتملة لكل إنسان، والناس لا يعرفون الطيب من غيره.
فإذا كان مظهر المرأة فيه بعض ما يدل على تفريطها أو تكاسلها أو تقصيرها، ثم مع ذلك استرسلت في الحديث واختلطت مع الرجال وحدثتهم، وربما ابتسمت أو ضحكت أو لانت في القول، فإن هذا مدعاة إلى فتنة وشر كبير، ليس شراً للرجل فقط، بل حتى شراً للمرأة.
ولهذا يقال يوم القيامة: {وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ} [الحديد:14] فالمرأة لا تفتن الرجل فحسب بل تفتن نفسها؛ لأنها قد تقع هي الأخرى في شراك رجل، قد تنظر إليه وتحادثه وتسترسل معه في الحديث، فيطمع قلبها وتتحرك نفسها، والغريزة موجودة عند الرجل وموجودة عند المرأة على حد سواء، مع أن المرأة إذا احتاجت إلى الخروج فينبغي أن يكون بمعية الزوج، أو الأخ، أو الأب، ممن يحفظ كرامة المرأة، ويحافظ عليها، ويطرد عنها الذئاب المسعورة، والأعين النهمة، ويساعدها في حاجتها، يحمل عنها ما تحتاج حمله، يحملها في سيارته.
وليس هذا لأن المرأة عندنا متهمة -كما يقول بعض خصومنا- كلا، لكن لأن المرأة عندنا درة مصونة فتحفظ من كل سوء، تحفظ حتى من النظرات الجائعة، والكلمات البذيئة، والحركات الخاطفة، فيكون معها زوجها أو أبوها أو أخوها، يحفظها ويخدمها أيضاً، وأي تكريم للمرأة أكثر من هذا! -والله العظيم- لو أن نساء الغرب والشرق رأين مثل هذا؛ لما رضين عن الإسلام بديلاً، لأن فيه من حفظ كرامة المرأة وتقديرها وتكريمها؛ ما لا يمكن أن تحظى به المرأة في أي مجتمع، ولا في أي دين، ولا في أي حضارة، ولا في أي بيت من البيوت.
والحقيقة بقي عندنا أمور: منها قضية اختيار الزوج والزوجة، وقضية العلاقات الزوجية، لكن الوقت قد انتهى الآن، فأسأل الله تعالى أن يوفقنا جميعاً ذكوراً وإناثاً إلى طلب مرضاته، وأن يهدينا جميعاً سواء السبيل، وأن يصلح ظاهرنا وباطنا، وسرنا وعلانيتنا، إنه على كل شيء قدير، {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف:23] والحمد لله رب العالمين.