عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، يُذكر أنه لم يمزح بعدما ولي الخلافة إلا مرتين، أما فيما عدا ذلك فكان جاداً، لم يكن في حياته وقت إلا للجد، إحدى هاتين المرتين: يروى أن هناك رجلاً كان اسمه حُميد، وكان يسكن في قرية اسمها أمج قريبة من المدينة المنورة، وكان حُميد هذا رجلاً فاسداً فاسقاً يشرب الخمر، وكان يقول في شعره -يحدث عن نفسه: حميد الذي أمج داره أخو الخمر ذو الشيبة الأصلع يحدث عن نفسه، فبلغ الخبر عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، وفي ذات يوم كان عمر بن عبد العزيز في مجلس -بعد زمان طويل- فسلم عليه رجل ثم قال: أتعرفني يا أمير المؤمنين؟ قال: لا أعرفك، قال: أنا حميد، فقال عمر بن عبد العزيز: حميد الذي أمج داره؟ -فهو يذكره بذاك البيت- فتبسم الحضور واكفهر هذا الرجل وضاق صدره، وحزن لذلك حزناً شديداً.
وقال: والله يا أمير المؤمنين ما شربتها منذ عشرين سنة، لأن هذا فيه تعريض بأنه كان يشرب الخمر؛ لأن آخر البيت أخو الخمر، ففيه تعريض بشرب الخمر، قال: والله يا أمير المؤمنين، ما شربتها منذ عشرين سنة.
فقال له عمر بن عبد العزيز: إنما أردت أن أباسطك بهذا، ولم أرد أن أسوءك، وهكذا أيضاً يكون المزاح في قصد التعليم.