المؤلفات في النكت والطرائف كثيرة جداً، لكن أذكر بعض المشهور منها، فمن المشهور منها: كتاب التطفيل وحكايات الطفيليين ونوادرهم وأخبارهم، وهذا للإمام الخطيب البغدادي صاحب تاريخ بغداد، وهو من المحدثين المشهورين، والأئمة العلماء الموثوقين، وهذا الكتاب رسالة صغيرة طبعت عدة طبعات، ذكر في مقدمتها الدافع إلى تأليف الكتاب، ثم فوائد ذكر بعض الطرائف، ثم ذكر معنى التطفيل والطفيليين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن ذم التطفيل وعابه، ومن حمده واستحسنه، ثم ذكر وصاياهم وأشعارهم، ثم سمى رجلاً من الطفيليين يقال له بنان الطفيلي، وذكر واستطرد في ذكر وصاياه وأشعاره ونوادره وأخباره، إلى نهاية الكتاب.
الطفيليون أتعرفون من هم؟ ما معنى طفيلي؟ معروف كما هي مستخدمة عند العوام، فلان طفيلي أي: هو يأتي للمناسبات بدون دعو، يبحث عند المطابع عن الأعراس، أو في قصور الأفراح مثلاً، ثم يأتي بحجة أو بأخرى، وأحياناً يأتي ويتدخل ويتظاهر بأنه من أهل الزواج، ويقول للطباخ: افعل وارفع وانزل وكذا وكذا.
يقول -هذه من وصاياهم- يقول: اجزم ولا تنظر إلى هؤلاء، ولا إلى هؤلاء، أهل الزوج يظنون أنك تبع أهل الزوجة، وأهل الزوجة يظنون أنك تبع أهل الزوج، ادخل في المجموعة ويكتب لك الله عز وجل عشاء تلك الليلة أو غداءها.
هذا معنى الطفيليين، وهؤلاء الذين قصدهم الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى في كتابه هذا، يقول النويري، صاحب كتاب بلوغ الأرب، يقول: إن بناناً هذا كان نقش خاتمه: مالكم لا تأكلون؟ هذه من النكت التي نقلها، كل واحد ينقش في خاتمه ما يناسبه، وهذا نقش ما يناسبه.