أولاً: أنها تزيل الملل والسآمة، فإن القوم قد يطول عليهم الحديث والكلام، أو الوعظ، أو التذكير، أو العلم، أو ما أشبه ذلك، فتمل قلوبهم وتسأم، ويثقل عليها الجد، فتحتاج إلى إزالة السآمة والملل ببعض الطرائف والنكت، وهذا كان يستخدمه بعض العلماء السابقين.
قال الإمام علي رضي الله عنه وأرضاه، فيما رواه عنه الخطيب البغدادي، في كتاب التطفيل، ورواه البغوي أيضاً في شرح السنة، أنه قال: [[إن القلوب تمل كما تمل الأبدان، فابتغوا لها طرائف الحكمة، أو طرف الحكمة]] بمعنى أن الإنسان إذا أطال الوقوف أو أطال الجلوس يمل، فإذا طال بالإنسان الجلوس وأراد أن يرتاح يقوم واقفاً، أو يتمشى يقول: أريد أن أرتاح من طول الجلوس، أو طول النوم هذا يحدث أحياناً، فكذلك القلوب تمل من كثرة الجد وإطباقه، فتحتاج أن يزال عنها هذا الملل وهذا السأم بشيء من الطرائف.
وكذلك قال قسامة بن زهير: [[روحوا القلوب تعِ الذكر]] أي: من أجل أن يعي القلب ويعقل ويستجم، يروح عنه ببعض الهزل وبعض النكت، ومما يشبه ذلك: ما رواه مسلم من حديث حنظلة بن الربيع الأسيدي الكاتب، وفي آخره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: {ولكن يا حنظلة ساعة وساعة} والحديث سبق ذكره بتفصيله في غير هذا الموضع، وأقتصر منه الآن على موضع الشاهد {ولكن يا حنظلة ساعة وساعة} يعني ساعة هكذا وساعة هكذا، ساعة جد وساعة هزل.