أزمة غياب المنهج

الأمة كثيراً ما تغيبت عن وعيها, ولا تعرف هويتها وحقيقتها وانتماءها, أو تغيبت عنها قبلتها التي أمرت أن تتجه إليهاصحيح! يعلم الناس أن الكعبة هي البيت الحرام فيصلون إليها في أحيان كثيرة, لكنهم قد لا يعرفون إلى أين يتجهون في تفكيرهم! وإلى أين يتجهون في اقتصادهم! وإلى أين يتجهون في سياستهم! وإلى أين يتجهون في إعلامهم! والإسلام دين جاء ليهيمن على الحياة كلها, ولتدور في فلكه كل الأعمال والأفكار والتصورات والمواقف.

لقد ظل جزء من الأمة يركض وراء الشيوعية حتى فوجئ بسقوطها, ولا زالت أجزاء كبيرة من الأمة تركض وراء التغريب, ووراء النظام الدولي الجديد, ووراء أمريكا بنظمها وسياساتها وخططها وأفكارها ومناهجها, ولا زالت أجزاء كبيرة من الأمة تنادي بالعلمانية وفصل الدين عن الحياة وعن كل المجالات العلمية المثمرة.

ومثل ذلك: التبعية لبعض المذاهب أو النظريات القديمة, ولو كانت موجودة في تاريخنا أو تراثنا, فإن تاريخنا يوجد فيه الآراء المنحرفة آراء الفلاسفة, وآراء الجهمية, وآراء المعتزلة, آراء الأمم الكثيرة التي نقلها بعض المسلمين وترجموها وتأثروا بها, فلا بد من تحرير التبعية، وأن يكون المعيار في المنهج للقرآن الكريم والسنة النبوية -لا غير- {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر:7] .

إن هذا المقياس يقضي على كل صور التناقض في الأمة, فما وجدناه موافقاً للحق الوارد في القرآن الكريم والحديث الصحيح أخذنا به، بغض النظر عن مصدره, وما وجدناه مخالفاً رفضناه، ولو كان ظهر من بيننا ومن بلادنا.

من مظاهر انعدام المنهج أو ضعفه أو أزمته تذبذب الشباب وترددهم، وانعدام الانسجام الفكري والثقافي، وأزمة الثقة أيضاً بين الشباب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015