ومن ألوان الأزمات: أزمة الإتقان والإحسان {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة:195] , {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} [النحل:128] أي شيء هو الإحسان؟ إنه الإتقان، كما عند البيهقي بسند حسن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه} , وفي الحديث الآخر -حديث شداد بن أوس وهو في الصحيح-: {إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة} هذا من الإحسان! حتى المقتول الذي يغادر الحياة تقتله قتلاً حسناً, {وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته} .
إن من عدم الإتقان ضعف الإنسان في العبادة، مثلاً: تأخير الصلاة, أو التقصير فيها, أو التقصير في الطهارة, أو عدم الصلاة مع الجماعة, أو التفريط فيها, أو التفريط في الصيام, أو في الحج, أو في غير ذلك من العبادات التي أمر الله تعالى بها, ورسوله صلى الله عليه وسلم.
ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: {الإحسان: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه، فإنه يراك} فما بالك بعبد يعبد ربه وكأنه ينظر إلى الله عز وجل, ويراه بعينه فيكون مقبلاً عليه، معرضاً عما سواه صادقاً خاشعاً، لا يلتفت إلى المخلوقين طرفة عين, فهذا هو الإحسان في عبادة الله تعالى.
وهناك لون آخر: وهو فقدان الإحسان فيما يتعلق بحقوق العباد, مثل عدم إتقان الأعمال المنوطة بك أيها الإنسان! إهدارها وتضييعها، والحرص على شكلية العمل ومظهريته، دون حقيقته، ومعناه: نمو الخواء أساليب التحايل والغش والخداع، والنقص في العمل, وعدم الحرص على إنجاز الأمور, أي أنك حريص على ألا تساءل عن عملك، لا يعاتبك المدير -مثلاً- على أنك تأخرت, ولا يعاتبك المسئول على أن هذه المعاملة ما نزل عندك ولكن ما وراء ذلك، فإنك لا تلتفت إلى أحد، وهناك آلاف الأساليب والطرق التي يستطيع الإنسان فيها بالحيلة أن يتخلص من العتاب من الآخرين, ومن المسئولية، ومن المحاسبة, ولكنه يعلم في قرارة نفسه أنه ما قام بالواجب.