أزمة غياب الحوافز

ومن الأزمات: أزمة الحوافز.

الحوافز التي تدعو الإنسان أن يعمل, وإلى أن يضحي, وإلى أن يبذل, وإلى أن يشارك, وأنت تجد في شريعة الله تعالى أولاً: الأجر والثواب {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ} [الزلزلة:7-8] فهذا من الحوافز والأجر عند الله للأعمال الصالحة.

أما العقوبة عند الله تعالى على الأعمال السيئة, وكنموذج -أيضاً- حين تنظر إلى عمل كالجهاد وما فيه من نزيف الدماء, وإطاحة الرءوس, وعقر الجواد, وفقدان الحياة, تجد أن الشرع جعل للإنسان حوافز في هذا العمل, منها حوافز شرعية في فضل الجهاد والمجاهدين, وما أعد الله تعالى لهم في الدار الآخرة.

حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم -كما في صحيح مسلم-: {إن في الجنة مائة درجة ما بين كل درجة والأخرى كما بين السماء والأرض، أعدها الله تعالى للمجاهدين في سبيله} , وبالمقابل هناك حوافز دنيوية سريعة أيضاً مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم -كما في غزوة حنين وغيرها-: {من قتل قتيلاً فله سلبه} أي: له ما معه من السلاح والعتاد, -كما هو معروف- في تنفيل السرايا، وإعطائها جزءاً من الغنيمة: الربع أو الخمس، على ما هو معروف تفصيله.

إن هذا نموذج من الحوافز, ولابد أن يكون للمجتمع حوافز, فالمجتمعات الإسلامية اليوم تعاني من أزمة, يعني نقصاً حاداً, وأحياناً غياباً كاملاً, فالحوافز التي تدعو الإنسان إلى العمل، إلى الجهاد، إلى الدعوة، إلى النصيحة، إلى البذل, لابد من حوافز للعلماء والمبدعين تدعوهم إلى ذلك, حوافز للمربين والمدرسين, حوافز للمجتهدين, حوافز للمخترعين والباحثين, حوافز لكل أصحاب المواهب؛ بل لا أقول إن المجتمعات الإسلامية تخلو من الحوافز, إنما -أحياناً- نجد المسلمين في كل بلادهم ربما لا يميزون المبدع عن الخامل, أو عن النائم, ولا تتوافر لديهم أساليب لضمان حقوق أولئك الأشخاص, سواء كانت هذه الحقوق مالية أو معنوية أو غيرها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015