النموذج الرابع: استغلال المواسم بشيءٍ نافع مفيد للجميع، والتفكير الاقتصادي، ينبغي أن يكون وارداً في مناسبة! فالحج مثلاً: يتطلب أن يفكر الإنسان بأمرٍ فيه ربحٌ اقتصادي، ويكون له هدفٌ تعليمي، ودعوي، وإصلاحي، فلو أن الناس مثلاً اشتغلوا بتوزيع المناسك، وبيعها بأسعارٍ معقولة على الحجاج، وإيصالها إليهم، خاصةً تلك التي يكون فيها أدعية صحيحة واردة عن النبي صلى الله عليه وسلم، لكان في ذلك فضلاً عن الهدف الاقتصادي، توعية للحجاج، وإغناء لهم عن بعض المناسك، التي تكثر فيها المخالفات والبدع والأدعية التي لا أصل لها، ومع ذلك هي في أيدي الناس كثيرةٌ جداً، بسبب نشاط من يتاجرون بها ويبيعونها.
ومثل ذلك أيضاً التقويم على رأس السنة، فهذا التقويم فيه مصالحٌ شرعية، مثل العناية بالتقويم الهجري، ومثل العناية بالكلمات التي تكتب في التقويم، من آياتٍ وأحاديث وحكمٍ وأشعار، ومثل البعد عن المحرمات والصور والرسوم المغرضة التي توجد في ألوان التقويم، ومع ذلك هي سبيل ووسيلة إلى الاستفادة منها في مصالحٍ لبعض الشباب، مثل ذلك أيضاً الجداول الدراسية، يستفاد منها أيضاً في وضع كلماتٍ، وتوجيهات وإرشادات، وعناوين مهمةً للشباب، وأرقام وما أشبه ذلك، ومع ذلك يمكن أن يستفاد منها سواء على المستوى العام، في المدارس، والمكتبات، أم على مستوى الطلاب.
مثل ذلك أيضاً الكروت للمناسبات المختلفة، وإعدادها وتجهيزها، ومراعاة ما سبق فيها ومثل ذلك أيضاً الأدعية للسفر أو الدخول، أو كفارة المجلس أو غيره، وأن توضع في لوحات، أو أوراق، أو خرق، يستفيد الناس منها في تعلم هذه الأشياء، والتعرف عليها، وتذكيرهم بما ينبغي أن يقال فيها.
فإن هذه إذا كانت وسائل للإيضاح، والتعليم، ففي رأيي الخاص أنه لا بأس بها، إن شاء الله، وعموماً أيضاً حملات الحج والعمرة، سواء كانت حملاتٌ كبيرة، أم صغيرة، فيها فوائد شرعية ودينية في التعليم، والتفقيه، والإرشاد، والرعاية، والفصل بين الرجال والنساء، ومع ذلك فيها مصالح مادية، وفيها أيضاً تربية لمجموعةٍ ممن يذهب بهم الإنسان، حتى لو أن الإنسان أخذ مجموعةً من العمال، ولو كانوا عشرة، ليس شرط أن تكون حملةً ضخمة مرخص لها، لو أخذت عشرة عمال، وذهبت بهم، وأخذت أجرتك، وهذه مصلحةٌ دنيوية، ومع ذلك لو صبرت عليهم، وتسامحت معهم، وعلمتهم ماذا يقولون، وحججت بهم حجاً شرعياً، كان من وراء ذلك مصلحةً دينيةً كبيرةً لك أنت، ثم لهم، فتجمع في ذلك بين المصلحة الدينية، والمصلحة الدنيوية.
ومن الفرص أيضاً الفرصة التي يعيشها الناس في هذه الأيام فرص الربيع، والمطر والغيث وإخراج الأرض زينتها، فإن ذلك فيه فوائد كثيرة، وأنت تعلم أن الناس يحتاجون إلى ذلك، وأن هناك مما يخرج من الأرض، ما يُشترى بأغلى الأثمان، حتى الحطب، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث سبعةٍ من الصحابة، وهو حديثٌ صحيح؛ بل في صحيح البخاري أنه عليه السلام أرشد الرجل إلى أن يأخذ أحبله فيحتطب، يأتي بحزمةٍ من الحطب ويبيعها، وهذا خيرٌ له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه، ومثل ذلك -أيضاً- المواسم الزراعية، واغتنامها بالبيع في ألوان الزراعة المختلفة بالتمور، وبالفواكه، وبالخضار، وفيما سوى ذلك! ومثله مواسم الإجازات، فإن الإنسان يستطيع أن يستفيد منها، في أن يقوم بعملٍ مؤقت خلال تلك الإجازة، يغنيه، ويجعله يستطيع أن يتزوج مثلاً، ويستغني عن الناس، ويعتمد على الله تعالى، ولا يعتمد على ما يأتيه من فلانٍ أو علانٍ، فهناك فرصٌ قد تكون للناس بها حاجة، فأنت لا تستغل حاجة الناس، أو تضغط عليهم، ولكنك تغتنم هذه الفرصة، لتقدم للناس خدمةً، وأنت مستفيدٌ ديناً ودنيا.