سادساً: تكوين الشركات الصغيرة: كزوجٍ مع زوجته، فالزوجة لها مرتبٌ ضخمٌ، وهي لا تدري ما تصنع به، فما الذي يمنع أن تقوم بشركة، تكون باسم هذه الزوجة، ويكون منها المال، وتكون أنت قائمٌ على هذه الشركة، فمنك الجهد، ومنها المال، ولا حرج في ذلك، ولو كان لك منها نصيب ونسبة من الربح أو أخٌ مع أخته، فإن هذا ممكنٌ، خاصةً إذا كان الإنسان موظفاً أيضاً، وهو لا يريد أن يكون العمل باسمه، ويمكن أن يقوم بهذه الشركة، وتكتب باسم غيره، ممن يكون مشاركاً له، رجلاً أو امرأةً، ويكون المال منهما معاً، أو من أحدهما، ومن الآخر الجهد، أو الإدارة، أو ما أشبه ذلك، وألوان الشركات في الشريعة معروفة، وهي كثيرةٌ جداً، ويتحقق بذلك مصلحة للطرفين، ولا أرى حرجاً أن يشارك الإنسان في مثل هذه الأعمال التجارية، ولو كانت يسيرة، كمحلات تموينية مثلاً في الحي، يمنع فيها بيع التدخين، ويمنع فيها بيع المجلات الخليعة، ويمنع فيه كل المحرمات، وتباع فيه الأشرطة المفيدة، والكتيبات، ويحرص على بيع الحلال فيها، وعلى توجيه الناس، وهذا العملُ يستفيد منه أيضاً فائدة دنيوية.
ولا مانع أن يعمل ولو كان موظفاً، وإذا كان النظام يمنع أن تكتب هذا العمل باسمك، فلا مانع أن تكتبه باسم غيرك؛ لكن ينبغي أن يكون غيرك هذا شراكةٌ في العمل، أما أن تكتب العمل باسمه ولا علاقة له، فلا أرى ذلك سائغاً، والله تعالى أعلم.
ومن ذلك أيضاً ما يتعلق بالشركات أو يشبهها، العمل مع الوالد سواء أكان الوالد مزارعاً، تعمل في حقله، أو في دكانه، أوتاجراً تعمل في تجارته، أو ما سوى ذلك، والعمل مع الوالد ينبغي أن يلتفت الشباب إليه، فإن فيه مصالح عدة.
أولها: البر بالوالدين، وفيه ما فيه من الفضل العظيم.
ثانيها: الخبرة فإن الإنسان الذي لا يعمل لا يكتسب الخبرة أبداً، ولو ظل يسمع الكلام طول عمره، إنما تنضج الخبرة، وتنضج المعلومات على محكِّ الواقع.
الفائدة الثالثة: أنه يكتسب المال، وعلى الآباء أيضاً أن يساعدوا أولادهم على تكوين أنفسهم بشكلٍ صحيح، فالأب ينبغي أن يعلم أنه يوِّرث ماله من بعده إلى الورثة على حدٍ سواء، وهذا الإنسان الذي عمل ليس كمن لا يعمل، فينبغي أن يجعل له مرتباً شهرياً، لقاء عمله، أو نسبةً من الربح، أو ما أشبه ذلك، حتى لا يضيع عمله بغير فائدةٍ عاجلة.