المجادلة بالتي هي أحسن

أولاً: المجادلة بين المتخالفين بالتي هي أحسن, كما قال الله سبحانه وتعالى: {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل:125] {وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [العنكبوت:46] فإذا كان القرآن الكريم يرشدنا إلى مجادلة اليهود والنصارى بالتي هي أحسن، أي: لم يقل بالحسنة، وإنما بالتي هي أحسن، أي: بأفضل ما يمكن من الألفاظ والعبارات والطرائق والأساليب والحجج، فكيف بمجادلة من يتفقون معك في أصل الدين وأصل الانتماء، ولكن قد يختلفون معك في اجتهاد أو رأي أو موقف، أو حتى مصلحة دنيوية أو موقف دنيوي؟! فهنا تأتي قضية المجادلة بالتي هي أحسن، تبدأ من علاقة الإنسان مع زوجته مثلاً مع طفله في المنزل مع شريكه في العمل مع رئيسه مع مرءوسه، وتنتهي بالحوار العام بين جميع فئات الأمة وطوائفها.

ومن المجادلة بالتي هي أحسن: استخدام لغة راقية بعيدة عن الشتم والسَّب والاتهام، وقدرة الإنسان على أن يسيطر على عواطفه، وألا يسمح للاستفزاز أن يتحكم فيه، ولهذا قال أهل العلم كـ ابن تيمية وابن القيم والغزالي والشاطبي وغيرهم، قالوا: لو كان الغلب في المجادلة والمناظرة بالسّب والشتم لكان أكثر الغالبين من الجهَّال، وإنما الغلبة بالحجة وقوتها وإن كان الصوت منخفضاً.

ولهذا ليس رفع الصوت ولا الصخب والضجيج من عوامل النجاح في الخصومة والمجادلة، وليس استخدام العبارات القاسية بالتهجم على صاحبك، وتشبيهه -مثلاً- بالحيوانات أحياناً، أو بالرخم والطيور أحياناً أخرى، أو اتهامه، أو تجريحه، أو ما أشبه ذلك؛ هذه أيضاً لا مدخل لها في الحوار أصلاً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015