فهذا أبو بكر رضي الله عنه، تقول عنه عائشة رضي الله عنها -كان أبو بكر أتجر قريش، حتى دخل في الإمارة، والأثر رواه الخلال بسندٍ صحيح، نعم.
كان تاجراً حتى دخل في الإمارة فافتقر، وليس العكس!! كان أتجر قريشٍ، لأنه يشتغل بالبز، وبالتجارة، وكان يذهب إلى الشام وإلى غيرها، ويسبق في الأسواق، فلما تولي الخلافة رضي الله عنه افتقر، وأصبح ليس عنده إلا ما يقوم ببيته من المال الذي جعله له المسلمون ولـ أبي بكر أمر الخلافة، وجعلت الأمة كلها أمرها في عنق أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
فيا ترى! ماذا فعل هذا الإمام المقدم العظيم، الذي يفاخر به المسلمون عبر التاريخ؟ روى ابن سعد ٍ بسندٍ موصول بالرجال الثقات أن أبا بكر لما استخلف، أصبح غادياً إلى السوق، وعلى رأسه أثواباً يتاجر بها كالعادة، حمل الأثواب والبضائع وغدا إلى السوق، يبيع ويشتري! فلقيه في الطريق عمر بن الخطاب، وأبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنهما فقالا له: [[كيف تصنع هذا وقد وليت أمر المسلمين]] ؟! قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: [[فمن أين أطعم عيالي]] ؟! قالا له: [[نفرض لك، ونجعل لك مرتباً يومياً، أو أسبوعياً، أو شهرياً، تستغني به عن التجارة]] .
فماذا يا ترى فرضوا له؟ فقط نصف شاةٍ يومياً، هذا راتب الخليفة رضي الله عنه وهو مقابل أموالٍ ضخمة كان يكسبها من التجارة، حتى إنه كان أغنى أغنياء قريش قبل أن يلي أمر الخلافة.