قال الله تعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ} [البقرة:45] وقال سبحانه: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي} [طه:14] وقال: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} [طه:132] وقال: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة:43] .
ففي مواضع كثيرة من كتابه الكريم أمر الله عزوجل بالصلاة فرضها ونفلها، وهي الفيصل بين المسلمين والكفار؛ ولهذا قال: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [الروم:31] .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: {بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة} .
وفي الحديث الآخر: {العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر} وهذا المعنى يعرفه حتى الكفار.
يقول أحد المؤرخين البريطانيين-وهو توماس أرنولد - في كتاب له اسمه "العقيدة الإسلامية" يقول: هذا الفرض المنظم -أي: الصلاة- من عبادة الله تعالى هو من أعظم الأمارات المميزة للمسلمين عن غيرهم في حياتهم الدينية، فكثيراً ما لاحظ السائحون وغيرهم في بلاد المشرق ما لكيفية أداء الصلاة من التأثير في النفوس.
ويقول أحد القسس النصارى -وهو الأسقف لوفرو - يقول: لا يستطيع أحد خالط المسلمين لأول مرة إلا أن يندهش، ويتأثر بمظهر المسلمين في عقيدتهم حينما يكبرون ويصلون، فإنك حيثما كنت في بلاد المسلمين، في شارع مطروق، أو في حقل، أو في محطة سكة حديد، أو في غير ذلك أكثر ما تألف عينك مشاهدةً أن ترى رجلاً ليس عليه أي مسحة من الرياء، ولا أقل شائبة من حب الظهور، يترك عمله الذي كان بيده كائناً ما كان ذلك العمل، ثم ينطلق في سكينة وتواضع لأداء الصلاة في وقتها المعين.
نحن الذين إذا دعوا لصلاتهم والحرب تسقى الأرض جاماً أحمرا جعلوا الوجوه إلى الحجاز وكبروا في مسمع الروح الأمين فكبرا محمود مثل إياس قام كلاهما لك في الوجود مصليا مستغفرا العبد والمولى على قدم التقى سجدا لوجهك خاشعين على الثرى {يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ} [النور:36-37] .
الناس والصلاة في رمضان: الفريضة في رمضان وفي غير رمضان يصليها المسلم، ولكن بعض المسلمين لا يعرف المساجد إلا في رمضان، أما في غيرها فإنهم يصلونها في بيوتهم، أو يؤخرونها عن وقتها؛ بل ومنهم من لا يصليها في غير رمضان، فإذا جاء رمضان ازدحمت المساجد بالمصلين، خاصة أول الشهر، وخاصة صلاة المغرب وصلاة الفجر.
وبعض الناس قد يكون مصلياً في رمضان فإذا جاء الشهر نام عن صلاة الفريضة؛ لأنه مشغول بالدوام، وفي الليل يسهر، فإذا جاء من الدوام نام ربما عن صلاة العصر فلم يصلها إلا بعد غروب الشمس.
وآخرون قد يقصرون في النوافل من القيام، والتراويح، وغير ذلك، منشغلون بالجلوس مع بعضهم في أحاديث لا تنفع ولا تضر، بل ربما كانت ضارة، أو في مشاهدة التلفاز -مثلاً- أو في لعب الكرة، أو في التسوق والانتقال من محل إلى محل، ومن معرض إلى معرض، ويذرعون الشوارع جيئة وذهاباً.
أين المصلون؟ أين الذين كانت الصلاة قرة أعينهم، وسرور قلوبهم، ونداوة أرواحهم، وبهجة نفوسهم؟!!