أول ذلك: القرآن الكريم، وله بكل حرف عشر حسنات، لقد أنزل هذا القرآن في هذا الشهر قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة:185] وكان جبريل عليه السلام يعارض النبي صلى الله عليه وسلم في كل سنة في شهر رمضان مرة، وعارضه في السنة التي توفي فيها بالقرآن مرتين إيذاناً بدنو أجله صلى الله عليه وسلم، وهذا كان أصل مشروعية ختم القرآن في شهر رمضان.
فجدير بك أيها المسلم! وبك أيتها المسلمة! أن تخصص لنفسك ورداً من القرآن الكريم طيلة العام ولو قل، ثم في هذا الشهر -خاصة- أجدر وآكد، وعليك أن تسرح طرفك في القرآن، وأن تعمل فكرك فيه، فلا يكون همك آخر السورة، أو آخر الوجه، أو آخر الجزء، أو آخر القرآن أن تختمه؛ بل أن تقرأ وتتأمل قال تعالى: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [ص:29] .
فهذا خير تؤمر به، وهذا شر تنهى عنه، وهذا خبر ماضٍ من أخبار السابقين تعتبر به، وهذا خبر مقبل تتهيأ له وتستعد قال تعالى: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ} [يوسف:3] .
وهذا حق على الجميع، على جميع الناس، أئمة ومأمومين، فليس جديراً بالإمام أن يهذ القرآن كهذ الشِعر؛ لأنه يقول: أريد أن أختم قبل نهاية الشهر، أو أريد أن أختم، ثم اذهب إلى العمرة في آخر الشهر، بل عليه أن يترسل في قراءة القرآن، ولا بأس أن يردد بعض الآيات، ويرقق بها القلوب، ويتغنى بالقرآن.
ففي صحيح البخاري مرفوعاً: {من لم يتغن بالقرآن فليس منا} عليه أن يحرك به القلوب، ويدمع به العيون، ويستدر به العواطف والمشاعر، ويطرق به النفوس، كما أن على القارئ مثل ذلك، وعلى المرأة مثل ذلك، بل حتى الصغار يجب أن يربوا على هذا.