تأييد الله للمؤمنين

السنن الإلهية التي ينبغي أن تكون لنا على بال، تأييد الله عز وجل، سنة {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ} [المدثر:31] لماذا تفكر وكأن القدر خاضع لعقلي وعقلك؟ صحيح أنا وأنت أحياناً لو آتيك بمسألة رياضية ممكن تعجز عن حلها، إذاً عقل الإنسان يمكن أن يعجز عن التحليل، ممكن أن يقول لك الإنسان الأمر كذا، لكن والله ما عندي تعليل، كيف يحدث هذا؟ كيف هذه ليست عندي، هذه إلى الله عز وجل، الكيف هذا عند الله تعالى، لكن أنا أستطيع أن أقول لك: إن هذا هو المستقبل، أما كيف؟ لا أدري، لكن الذي أعرفه كل الذي أعرفه أن الله عز وجل له جنود لا يعلمها إلا هو، حتى نحن لا نستطيع أن نعد الجنود، مثلاً: من جنود الله الرعب، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: {نصرت بالرعب مسيرة شهر} وهذا له ولأمته على أعدائه، يُقذف في قلوبهم، وما هو الذي جعل الغرب والشرق يتحالف ويحلم بما يسمى بالنظام العالمي الجديد إلا الرعب من الإسلام، وهم يدقون نواقيس الخطر من الإسلام، هذا من الرعب، فالرعب من جنود الله عز وجل، ومن جنود الله عز وجل الملائكة، قال تعالى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ} [الأنفال:9] يمدنا الله عز وجل بملائكة من عنده، وقد كان الصحابة رضي الله عنهم يعرفون قتيل الملائكة من غيره، لقد كانوا يقاتلون إلى جوار المسلمين، هذه حقيقة واقعية، وليست مجرد تثبيت معنوي، هذه حقيقة صدح القرآن الكريم بها، جبريل عليه السلام يأتي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، كما في صحيح البخاري بعد ما انهزم الأحزاب يقول: {وضعت السلاح فوالله ما وضعنا السلاح بعد} يعني الملائكة معهم أسلحة أيضاً، أما نؤمن بهذا؟! ما يؤمن بهذا غير المؤمن {ما وضعنا السلاح بعد، اذهب إلى بني قريظة فإني ذاهب إليهم ومزلزل بهم} إذاً هناك شيء يسبقه إلى عدوه يزلزله، فالملائكة من جند الله عز وجل، وقد ذكرت لكم كثرتهم، لا يعلم عددهم إلا الذي خلقهم جل وعلا، من جنود الله عز وجل الريح، ولذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم: {نصرت بالصبا، وأهلكت عاد بالدبور} الريح يسلطها الله على الأعداء، فينهزمون أو يهلكون، ويسخرها الله عز وجل للمسلمين فتكون سبباً في نصرهم: {نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور} .

- الزلزلة: ومن جنود الله عز وجل الزلزلة، سواء كانت زلزلة معنوية، كما دعا النبي صلى الله عليه وسلم، كما في حديث عبد الله بن أبي أوفى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال كما في صحيح البخاري: {اللهم مجري السحاب، هازم الأحزاب، منزل الكتاب، اهزمهم وزلزلهم، اللهم اهزمهم، وانصرنا عليهم} دعا عليهم، ولذلك البخاري رحمه الله بوَّب (باب الدعاء على المشركين بالهزيمة والزلزلة) فإذا زلزلت قلوبهم فليس هناك إمكانية أنها تواصل، المهزوم من الداخل ليس له حيلة، لقد ضاع وانتهى، وقد يكون المقصود الزلزلة الحقيقية، زلزلت الأرض من تحت أقدمهم، كما قال تعالى: {أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ * أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ * أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَحِيمٌ} [النحل:45-47] فهل أمنوا هذا، قال تعالى: {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} [الأعراف:99] فلا يأمن المؤمن من مكر الله عز وجل به إن عصى، وهو أيضاً ينتظر هذا المكر بالكافرين، والفاسقين والخاسرين.

- الخسف: من جند الله عز وجل الخسف، كما ذكرت لكم وهناك رواية أخرى في الحديث الذي ذكرته قبل قليل: {يعوذ عائذ بالبيت، فيغزوه جيشٌ، حتى إذا كانوا بالبيداء خسف بأولهم وآخرهم} ولعل هذا هو الخسف الذي أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم -والله أعلم- يكون خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب.

المهم هذه جنود الله، وهل هذه فقط جنود الله، قال تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ} [المدثر:31] إنَّ الله عز وجل يسخر هذه الجنود عند اللزوم لتكون في صالح المسلمين ضد أعدائهم، كل هذه السنن الكونية، إذا امتلأ بها قلب المؤمن أدرك أننا حين نقول المستقبل للإسلام، بل والمستقبل القريب للإسلام، أننا ننطلق من معرفة بسنن الله عز وجل وعلماً بشرعه، ومن إدراك للواقع الذي يضطرب الآن، وكأنه سوف يتمخض عن وضع جديد، سيكون بكل تأكيد بإذن الله عز وجل في مصلحة الإسلام والمسلمين.

- خاتمة: اللهم اجعلنا من أصحاب دينك، اللهم اكتب مستقبل الإسلام على أيدينا، اللهم أعزنا بطاعتك ولا تذلنا بمعصيتك، اللهم من أرادنا بسوء فأشغله بنفسه، اللهم إنا خلق من خلقك ليس بنا غنى عن رحمتك، فلا تمنع عنا بذنوبنا فضلك، اللهم أنزل على قلوبنا الإيمان والسكينة واليقين، اللهم ارزقنا الصدق والإخلاص فيك يا أرحم الراحمين، اللهم ارزقنا الصدق والإخلاص، اللهم انصرنا على عدوك وعدونا يارب العالمين، اللهم اهزم الكافرين أهل الكتاب والمشركين الذين يكذبون رسلك، ويحادون أولياءك، ويعبثون بدينك يا حي يا قيوم، اللهم افضح ألاعيب المنافقين ومؤامرتهم على المسلمين، اللهم افضحهم في قعر دارهم، اللهم اكشف للمسلمين عوراتهم، اللهم اكشف للمسلمين عوراتهم، اللهم يا حي يا قيوم من أراد هذه الأمة بسوء فاشغله بنفسه، اللهم من أراد هذه الأمة بسوء أياً كان من داخلها، أو خارجها فاشغله بنفسه، واجعل كيده في نحره، واجعل تدبيره تدميراً عليه، اللهم إنهم لا يعجزونك، اللهم إنا نعوذ بك من شرورهم، وندرأ بك في نحورهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015