لا إله إلا الله مفتاح الجنة

فمثلاً مفتاح الجنة هو التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله والصلاة, ولذلك جاء في المسند عن معاذ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {مفتاح الجنة لا إله إلا الله} , وروى البخاري في صحيحه في كتاب الجنائز, أن وهب بن منبه قيل له: أليس لا إله إلا الله مفتاح الجنة, قال: بلا، ولكن ما من مفتاح إلا له أسنان، فإن أتيت بمفتاح له أسنان فتح لك وإلا لم يفتح لك.

إن لا إله إلا الله مفتاح الجنة؛ وذلك لأنها أساس قبول الأعمال، فإن الله تعالى أغلق باب الجنة على كل إنسان لا يشهد لله تعالى بالوحدانية ولا يشهد لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالرسالة, كما قال الله تعالى في شأن الكافرين: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً} [الفرقان:23] فلا ينفع مع الشرك عمل مهما كبر, ولذلك أيضاً فإن الله تعالى أمرنا بهذه الكلمة العظيمة فقال: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} [محمد:19] .

فإن أساس الأعمال في الدنيا وأساس قبولها في الآخرة هو هذه الكلمة, وهذه الكلمة ليس المقصود بها مجرد التلفظ فحسب؛ فإنها كلمة تحمل معنىً عظيماً لا بد أن يدركه الناطق بها وهو معنى إفراد الله تعالى بالعبادة, ألا يعبد إلا الله تعالى, وألا يعبد الله تعالى إلا بما شرع, فلا يعبد إلا الله على وفق شريعة محمد صلى الله عليه وسلم, ولهذا قال الله تعالى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} [الكهف:110] وقال الله سبحانه: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} [الملك:2] قال الفضيل بن عياض: أحسن عملاً أخلصه وأصوبه، قيل له: يا أبا علي ما أخلصه وأصوبه؟ قال: إن العمل إذا كان خالصاً -يعني لله تعالى- ولم يكن صواباً لم يقبل، وإذا كان صواباً ولم يكن خالصاً لم يقبل, فلا يقبل حتى يكون خالصاً لله تعالى صواباً على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ويجب أن نعلم أنه لا عز للأمة ولا اجتماع ولا رفعة ولا قوة ولا تغلب على عدوها، ولا خلاص لها من أمراضها التي تعانيها كمرض التفرق والشتات، ومرض الخوف والجبن والذل والهوان والجهل, بل وسائر الأمور المادية والمعنوية, لا خلاص للأمة ولا نجاة لها مما تعانيه أبداً إلا أن تجتمع على هذه الكلمة, فهماً لها وإيماناً بها ودعوة إليها وتحقيقاً لها في واقعها وسلوكها على مستوى الفرد والأسرة والجماعة والدولة بل وعلى مستوى الأمة كلها, فلا إله إلا الله بهذا الاعتبار هي مفتاح الجنة.

ومثله أيضاً قوله صلى الله عليه وسلم في بعض الأحاديث أن مفتاح الجنة السيف, والمقصود -والله تعالى أعلم- الجهاد في سبيل الله تعالى, فإن الجهاد من أعظم أبواب الجنة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث آخر: {واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف} كما هو عند النسائي وسنده صحيح.

إذاً مفتاح الجنة يكون بالإيمان بالله وتوحيده والإقرار له بالألوهية والربوبية، ومعرفته حق المعرفة بأسمائه وصفاته بقدر ما يستطيع الإنسان ويطيق, ثم الجهاد في سبيل الله تعالى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015