بعض صفات ابن باز

إنني ألحظ في الشيخ -حفظه الله- مجموعة من الصفات أذكر منها باختصار: 1- التعليم للعامة والخاصة، والصغير والكبير, بلا ملل ولا كلل, على رغم كبر السن وكثرة المشاغل والصوارف والملهيات, فلا يخلو مجلس من مجالس الشيخ من ذكر أو قراءة، أو علم أو تعليم، أو أسئلة أو ما أشبه ذلك.

2- الدعوة إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة، بالكتاب والمحاضرة والدرس والشريط والمراسلة والاتصال وبكل وسيلة ممكن.

3- القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على أكمل ما يستطاع, وما يكاد يوجد منكر في الأرض من المنكرات الشهيرة المعروفة, فيراه راءٍ إلا قال: أخبروا فلاناً يكتب به أو ينكره أو يسعى في تغييره.

4- التعاون مع أهل الخير من الدعاة والمحسنين والعلماء في كل الأمصار, وحسن الأدب معهم, وطيب المعشر وسعة البال, وهو يتعاون مع الجميع, فإن رأى خيراً أيد وسدد ودعا, وإن رأى خطأً صوب وصحح ونصح بلهجة المحب الناصح الحنون, الذي يريد الخير للناس كلهم.

5- حسن الخلق وطيب الكلام، والعفة في اللسان والصبر على الناس, وهو في ذلك -أقولها بحق- إمام يحتذى, يعامل الناس كلهم بالحسنى، ويلاطفهم كباراً وصغاراً من يعرف منهم ومن لا يعرف, ويسأل كل أحد عن نفسه وأهله ووالديه وأولاده وعمله وما كان من أمره ولا يسأم من ذلك أبداً, على رغم كثرة من يطرقه وكثرة مشاغله وكثرة الصوارف التي ربما تحول بين الكثير وبين مثل هذا الأمر.

6- الكرم بكل صوره وأشكاله, في مساعدة أعمال الخير ودعمها, والإنفاق عليها, والكرم مع الناس, فإن الرجل لا يأكل طعامه وحده منذ ما يزيد على ثلاثين سنة, ولا يأنس إلا أن يأكل طعامه في ملأٍ من الناس, وربما أتاه شاب في مقتبل العمر فسلم عليه وقال: أنا فلان أتيتك من بلاد كذا، فحياه ورحب به ولزم عليه بالغداء أو بالعشاء, فإذا جاء وقت الغداء أو العشاء قال: أين فلان؟ هل حضر فلان؟ لا ينسى ذلك حفظه الله تعالى.

7- ملازمة السنة قولاً وعملاً، وكثرة ذكره لله تعالى في قيامه وقعوده، واغتنامه اللحظات والساعات في التسبيح والذكر والقراءة، فإن لسانه رطب بذكر الله عز وجل.

8- بذل الجاه لكل أحد, في الشفاعة، والمساعدة، والتوسط في أعمال الخير لعامة المسلمين, سواء في الأمور الدينية أو الأمور الدنيوية, وقلما يحتاج إنسان إلى شيء أو تعسر عليه أمر أو تلبد شأن معاملة إلا ذكر اسم الشيخ ليكون وسيطاً فيها.

وبالجملة فلا يخرج من الشيخ أحد إلا بشيء، هذا بفتوى، وهذا بنصيحة، وهذا كتب له ورقة أو رسالة إلى فلان, وهذا وعده خيراً, وهذا أعطاه كتاباً وهذا وهذا , وأقلهم حظي من الشيخ بالابتسامة والدعاء, والدعوة إلى الغداء أو العشاء، والتلطف والسؤال عن الحال.

إنه نموذج للعالم الشمولي, الذي أوسع الناس بحسن خلقه وبسطة كفه وبذله أغلى ما يملك وهو الوقت للناس, هذا وهو ابن الثلاث والثمانين من عمره التي قضاها كلها في الميدان مع الناس, لم ينتظر منهم شيئاً قط, ولا يؤاخذهم على شيء، ولا يجد في نفسه حرجاً عليهم, أو يقول: قصروا في حقي, أو بخسوني أو أساءوا معاملتي أو ما أشبه ذلك: {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُوراً} [الإنسان:9] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015