لقد مرت الأمة بنكباتٍ عظيمة، فالمسلمون في فلسطين مثلاً يقاسون ألوان التشريد على يد اليهود منذ عشرات السنين، ويحاربون في دينهم، وأرزاقهم، وأخلاقهم، وبلادهم، ويضيق عليهم، ويعيشون في غياهب سجون اليهود أوضاعاً مأساوية، ضجت منها منظمات حقوق الإنسان الشرقية والغربية، وأفغانستان ظلت أربع عشرة سنة تعيش حرباً ضروساً ضد الشيوعية، أتت فيه هذه الحرب على الأخضر واليابس، ودمرت البلاد كلها، ومصر ظلت منذ عهد جمال عبد الناصر تتسامح مع كل أحد، إلا مع من تسميهم بالأصوليين، والمتطرفين، وقد يقبض على جاسوس إسرائيلي، فسرعان ما يطلق سراحه، أما المنتقبات من الأخوات المؤمنات، أو الملتحون من الشباب المؤمنين، فقد أصبحوا مغامرين بحياتهم هناك.
وفي بلاد المغرب هناك تحالف اختلف على كل شيء، واتفق على حرب الصحوة، وسرقة اختيار الأمة للإسلام، وصارت البلاد هناك تعيش في تعتيمٍ رهيب، وعزلةٍ عن العالم الإسلامي، بل عن العالم كله، بل وفي الفلبين هناك حصار بعشرات الألوف على المناطق الإسلامية، وقد عزم راموس -وهو الرئيس الجديد- على طمس المسلمين هناك مهما كلفه الثمن، وفي جمهوريات آسيا الوسطى دماءٌ تسيل في طاجكستان وفي الأنقوش، وفي أذربيجان، وقد رحلت الشيوعية هناك عن جميع البلاد إلا عن بلاد المسلمين، فما زال فيها لها أثر كبير، وتحالف الغرب الصليبي مع بقايا الإلحاد هناك لمقاومة الخطر المتمثل بالأصولية.
وفي البوسنة والهرسك تطهيرٌ عرقي لا يستثني أحداً، وفي إرتيريا، وفي الصومال موتٌ يأخذ بالناس كقعاص الغنم، وفي كشمير دماءٌ تسيل، وفي الهند عنفٌ طائفي كاسح ضد المسلمين والله المستعان! في بلاد الأفغان جرح عميق نازف يستجيش كل ضميري وعلى أرض مصر مليون جرح وبكل الدنيا نداء مستجيري ربما ملَّ الناس من تكرار هذه القصة، وترديد هذا الشريط الذي يبدأ ولا ينتهي! وكل يومٍ تجددون لنا المأساة بمصيبةٍ جديدة، وحق لهم ذلك، خاصةً حين يقول أحدهم -وهو يقلب كفيه- ماذا أملك وماذا أستطيع؟ هل أنا طرف في القضية؟!