Q نجد جمعاً من علماء السلف -رحمهم الله تعالى- كأمثال ابن الجوزي، رحمه الله أو السيوطي رحمه الله، يقوم أحدهم بمدح نفسه وإطرائها المدح الشديد، والاغترار بنفسه وهو أهل لذلك، فهل يقتدى به في ذلك؟ وهل لمثل هذا محمل؟ وهل هو ممدوح أم مذموم؟!.
صلى الله عليه وسلم أما مديح العلماء السابقين لأنفسهم، فله أحوال لا يمكن أن ينزل كله على منزلة واحدة؛ لأن العلماء منهم من يكون في موقف يتطلب أن يذكر نفسه بشيء من المديح-ومن ذلك مثلاً- ما حصل لشيخ الإسلام ابن تيمية حين قام عليه العلماء وعاتبوه وناظروه، فإنه قام وتكلم عن جهوده في خدمة الإسلام، ومن قام بالإسلام حين تخلى الناس عنه، ومن فعل كذا وكذا، ويشير إلى جهوده -رحمه الله- ليس على سبيل الإطراء والاغترار، لكن؛ لأن له مناسبة، وهؤلاء علماء غمطوه حقه وجحدوه، فناسب أن يتكلم بهذا الأسلوب أمامهم، ولم يستطيعوا أن ينكروا ذلك عليه أو يردوه.
فمثل هذا إذا دعا المقام إليه؛ فلا بأس به، ولعلكم تعرفون جميعاً أن موسى عليه السلام سئل: من أعلم الناس؟ فأجاب: أنا.
فعتب الله عليه إذ أنه لم يرد العلم إليه، وأوحى إليه أن لي عبداً بمجمع البحرين هو أعلم منك، وقصة رحلته في طلب العلم معروفة ذكرها الله تعالى في كتابه، وكذلك نجد أن بعض الصحابة رضي الله عنهم قد يذكرون علمهم في بعض المناسبات، كما كان ابن عباس رضى الله تعالى عنه يقول: [[أنا من الراسخين في العلم الذين يعلمون تأويله]] وذلك بشهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم له ودعائه له، حيث قال: {اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل} فإن كان لهذا الغرض، فهذا غرض لا بأس به؛ بل قد يكون الأنسب أن يتكلم الإنسان في بعض ذلك -أحياناً-.
أما إن كان على سبيل الإطراء المحض، فالذي يظهر أنه لا داعي له إن صدر من عالم، فالإمام السيوطي -مثلاً- كما عبر أو مثل السائل له كلام في الثناء على نفسه، أذكر منه قوله في قصيدته التي ذكر فيها المجددين ووصل إلى القرن التاسع، قال: وهذه تاسعة المئين قد جاءت ولا يخلف ما الهادي وعد وأرجو أن أكون أنا المجدد إذا أن فضل الله ليس يجحد وكذلك حين ترجم لنفسه في كتاب (حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة) استطرد في الثناء، ولم يكن هذا من عادة أهل العلم، لكن على الإنسان أن يعرف أن هذا ليس موضع قدوة؛ بل يقتدى بالإمام السيوطي وغيره في الحرص على العلم، وجمعه، والتصنيف، والتأليف، والعبادة، والزهد، وغير ذلك.
وما كان من الأمور التي وقعت منهم وقد يكونون معذورين بها، أما لأن الإنسان يواجه كلاماً من الناس أو صراعاً مع أحد أو غير ذلك، أو تكون زلة ويغفرها الله لهم.
المهم: أن الإنسان لا يتخذ مثل هذه الأشياء حجة في مديح نفسه والثناء عليها وإطرائه!!