ومن فوائد هذا الكتاب ومميزاته أنه تعرض لمباحث نفيسة: منها: مباحث في موضوع العزلة والخلطة، ومتى تكون العزلة أفضل، ومتى تكون الخلطة أفضل.
ومنها: الحث على اختيار الجلساء والأصحاب الصالحين.
ومنها: حسن المعاشرة، وذكر الصحبة وآدابها، وهو في ذلك يذكر قصصاً وطرائف وأشعاراً فيها المتعة والفائدة.
ومن مميزات الكتاب: الحديث عن الناس، وطبائعهم، وما جبلوا عليه، إلى غير ذلك.
لكن ينبغي أن يعلم أن هذا الكتاب قد بالغ فيه الإمام الخطابي في ذم الخلطة والحث على العزلة، حتى قال في آخر الكتاب: إنني أخشى أن أكون بالغت في ذلك أو زدت عليه بما لا ينبغي، يقول: في آخر الكتاب في باب نجوم القصد، أي: رجع إلى الحديث عن القصد والاعتدال قال: قد انتهى منا الكلام في أمر العزلة، وأوردنا فيها من الأخبار ما خفنا أن نكون قد حسَّنا معه الجفاء من حيث أردنا الاحتراز منه، وليس إلى هذا جرينا ولا إياه أردنا فإن الإغراق في كل شيء مذموم، وخير الأمور أوسطها، والحسنة بين السيئتين، وقد عاب الرسول صلى الله عليه وسلم الإغراق في عبادة الخالق عز وعلا، والحملة على النفس منها ما يؤودها ويكّلها، فما ظنك بما دونها من التخلق والتكلف.
وهذه من أجمل ما في الكتاب فينبغي أن ينتبه لها فإن منهج الكتاب ليس مرضياً كله في مدح العزلة وذم الخلطة.