التواضع وفضله

زفي صفحة [70] ذكر المصنف أن سفيان بن عيينة قال: سمعت، أو قال: أخبرني ابن سعدويه، قال: حدثني إسحاق، قال: سمعت محمد بن عبد الأعلى يقول: خرج علينا سفيان بن عيينة ونحن جلوس على باب داره -طلاب العلم والحديث ينتظرون سفيان ليحدثهم- قال: فخرج علينا فقال: خَلَتِ الديار فسدت غير مسود ومن الشقاء تفردي بالسؤدد يعني يحزن سفيان بن عيينة أن الديار خلت من العلماء -كما يقول- فصار سيداً مع أنه ليس أهلاً لذلك في ظنه، ولا شك أن سفيان هو من هو في الفضل والعلم والسؤدد والمكانة، لكن هذا من فضله ونبله وتواضعه وهضمه لنفسه رحمه الله، فكيف لو خرج علينا في هذا الزمان! قال: وأنشدني إبراهيم بن فراس في نحو هذا -يعني في نفس الموضوع هذا- قول الشاعر: وإن بقوم سودوك لحاجة إلى سيدٍ لو يضفرون بسيد أي القوم الذين وضعوك سيداً عليهم يحتاجون فعلاً إلى سيد؛ لأنهم ما وضعوك في هذا الموقع إلا لفقرهم من السادة وقلة الأكفاء.

قال: وفي آخر: وما سدت فيهم أن فضلك عمَّهم ولكن هذا الحظ للناس يقسم ما كانت سيادتك لفضلك وكرمك وإنما هو قضاء وقدر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015