القدوة لطالب العلم

وللشاب المسلم -وهو يسعى في طلب العلم اليوم- أسوة وقدوة بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، والذين كان منهم شبابٌ في مقتبل أعمارهم قضوا حياتهم في طلب العلم وتحصيله والعمل به، ثم في أدائه ونقله إلى الآخرين.

يروي الإمام الدارمي في سننه وعبد الله بن الإمام أحمد في زوائده على كتاب فضائل الصحابة، وابن سعد والبيهقي، والحاكم وغيرهم بسند صحيح، عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنه وأرضاه، قال: [[لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهبت إلى رجل من الأنصار، فطرقت عليه بابه وقلت له: هلم فلنسأل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذا العلم، فإنهم اليوم كثير.

فقال له هذا الأنصاري: واعجباً لك يا ابن عباس! أتظن الناس يحتاجون إليك، وفى الأرض اليوم من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم هذا الجم الغفير، قال: فتركته وذهبت أطلب العلم، وإنه ليُذْكر لي الحديث عند رجلٍ من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فأذهب إليه، فأجده نائماً وقت القيلولة، فأتوسد ردائي عند بابه، فتهب الريح فتسفي عليَّ التراب، فيقوم خارجاً ليصلي العصر، فيجدني نائماً عند بابه فيقول: ما الذي جاء بك يا بن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فأقول له: ذُكرَ لي أن عندك حديث كذا وكذا، فأحببت أن أسمعه منك، فيقول: فهلاّ أرسلت إلي فآتيك؟ فأقول: العلم أحق أن يؤتى إليه، قال: فتعلمت حتى مات كثيرٌ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، واحتاج الناس إليَّ، فكان ذلك الرجل الأنصاري يمر بي والناس حولي يسألونني، فيقول لي: يا ابن عباس! كنت أعقل مني]] .

وللشاب المسلم اليوم أسوةٌ وقدوة بهذا الحبر الإمام عبد الله بن عباس رضي الله عنه، الذي لم تمنعه مكانته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يمنعه علوُّ نسبه وعلوُّ قدرهُ ولم يمنعه تقديم الخلفاء له كما كان عمر رضي الله عنه يقدمه ويُجلسه في مجالس المهاجرين والأنصار، لم يمنعه كل هذا من طلب العلم، والتواضع في سبيل ذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015