الظروف والأوضاع (الزمان)

أمر ثالث نعلق عليه أخطاءنا: الظروف والأوضاع التاريخية الموروثة.

وهو ما يمكن أن نسميه بالزمان، كثيراً ما نتكلم عن الزمن والحال وتغير الزمن، وننسى أن الشمس التي تطلع علينا هي الشمس التي طلعت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر، وأن القمر الذي يطل علينا هو الذي كان يطل عليهم، وأن الأرض التي نسكنها هي التي سكنوها، والسماء التي تظلنا هي التي أظلتهم، فالأمور لم يتغير منها شيء، والكون هو الكون، والحياة هي الحياة والأجرام السماوية هي هي، والزمان هو هو، والليل والنهار هما هما، والأمر كما كان الإمام الشافعي رضي الله عنه يقول: نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا وقد نهجو الزمان بغير جرم ولو نطق الزمان بنا هجانا وليس الذئب يأكل لحم ذئب ويأكل بعضنا بعضاً عيانا نعيب زماننا والعيب فينا، ما هو الزمان؟ الزمان ليس له حقيقة إلا من خلال وجود إنسان يمر به الوقت، فيستخدمه في طاعة أو في معصية، في خير أو في شر، في صلاح أو في فساد، ولذلك تلاحظون أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك، كما في الحديث القدسي، في الصحيحين، أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: {يقول الله عز وجل: يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر، بيدي الأمر أقلب الليل والنهار -وفي رواية- لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر} وليس المقصود أن الدهر اسم من أسماء الله تعالى، كلا؛ وإنما بيَّن صلى الله عليه وسلم ذلك بقوله: فيما يرويه عن ربه عز وجل: {بيدي الأمر أقلب الليل والنهار} أي: الدهر إنما هو مخلوق لله عز وجل، فإنه يمر على الناس ويتقلب عليهم بإرادة الله سبحانه وتعالى، والناس يجعلون في هذا الدهر ويملئونه بما شاءوا، إن خيراً فخير وإن شراً فشر، كما قال صلى الله عليه وسلم: {فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه} .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015