رسالة أحد الإخوة

فهذا أحد الإخوة قد كتب لي رسالة جميلة جداً، وأنا أشكره عليها، وأعتذر عن قراءتها؛ لأن فيها أشياء من الإطراء الذي لا أوافقه عليه ولا أرضاه لنفسي، لكنه أعجبني أنه يقول في مطلع هذه الرسالة، يقول: إنني في الوقت الذي أمسك به القلم بيدي اليمنى، فإنني أغلق عيني بيدي اليسرى، وأصرف وجهي عن مشاهدة قلمي، وهو يهم بمراودة الورقة، لا لشيء إلا خجلاً عندما تجرأت على كتابة هذه النصيحة عفواً هذه الهدية، والتي أحسب أنك ستفرح بها، فلماذا نخاف من النقد؟ هذه عناوين محاضراتي -جزاه الله خيراً- وضعها في سياق هذه الرسالة، وهذا هو الذي أعجبني فيها.

يقول: فلماذا نخاف من النقد؟ ألسنا نسعى إلى صناعة الحياة، ولكن في إطار أدب المحاورة، ووسط نقع معركتنا الفاصلة مع بني إسرائيل والعلمانيين وأعداء الرسالة، ونحن على استعداد لأن نسأل أنفسنا: من يحمل هم الإسلام؟ ثم نجيبها: نحن نحمل هم الإسلام ولو كان ذلك على سرير الموت، فجاء هذا حديث الروح لعله يسري ولكن بدون تطبيع.

المهم النقطة التي ذكرها نقطة جميلة، يقول -بعد كلام-: أرجو ألا تغرك هذه الجموع مهما كثرت أشباحها، وتواصلت اتصالاتها وتوالت رسائلها، ولنا في حسن البنا وعباس مدني أقرب مثال وأوضحه.

أيها الشيخ: قبل أن تحرك قدمك أو تضعها تأكد من أنك تطأ على أرض متماسكة، واعلم أن هذه القدم تحرك خلفها أقدام، وكم يتملكني الخوف كلما تخيلت مصير هذه الصحوة، عندما تكون الخطوات غير محسوبة، نريد بطيئاً ولكن أكيد المفعول.

ثم قال: أخيراً هل هذه الرسالة خامة في مصنع الحياة، أم أنه ليس لها وجود الأخ/ أحمد محمد من الرياض.

وأشكره على هذه الرسالة الجميلة، وأقول له: لا تخف أبداً على مصير هذه الصحوة، فهذا دين الله تعالى يتولاه الله جل وعلا بنفسه، أما الناس فهم يذهبون ويأتون: ومن لم يمت بالسيف مات بغيره تعددت الأسباب والموت واحد ومع ذلك أقول: نحن -أيها الأخ الحبيب- ندعو الناس دائماً وأبداً إلى أن يتبصروا مواقع أقدامهم، وندعوهم دائماً وأبداً إلى أن ينظروا إلى المستقبل البعيد، وألا يغتروا بالفقاعات القريبة التي قد تطفح على سطح الماء.

كلا نحن ندعوهم إلى النظرة العميقة، التي تسعى إلى تحويل المجتمع كله إلى مجتمع متدين بطبيعته، وتحويل الاقتصاد إلى اقتصاد متدين، وتحويل الإدارة والسياسة والاجتماع وكل الأمور، إلى أشياء تصب في بحر الدعوة الإسلامية، وهذا لا شك طريق طويل، ولكنه طريق -بإذن الله كما أشرت- مضمون وأكيد المفعول.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015