أما القصيدة الثانية، فهي عبارة عن كلمات وحروف، كتبتها على عجل، وأعتذر إليكم لأنني في الواقع لم أكتبها للشعراء، ولا للمتذوقين، فهم سوف تشمئز منها آذانهم، وترفضها أذواقهم، ولكني كتبتها لجمهور المستمعين الذين قد لا يميزون كثيراً بين الجيد والرديء في الشعر، اللهم إلا بجودة المعاني، وأرجو أن تكون المعاني واضحة، وقد اخترت لها عنواناً " الفارس القادم".
وهذا العنوان أيضاً معبر، فإن المقصود بالفارس القادم، رمز إلى الإسلام الذي يحلم كل مسلم بانتصاره، وأن يكتب الله تعالى شرف هذا النصر على أيدي هذا الجيل الصاعد من أبناء المسلمين: سلام على قلب من الطهر أطهر وروح شفيف في ربى الخلد يخطر وأطياف جنات وأنسام رحمة وحب عنيف رائق الظل أخضر وساعات إسعاد يظل غمامها على كل ساحات المحبين يمطر ترفق بقلبي فالأعاصير تزأر وسود الرزايا في الظلام تزمجر ترفق بقلبي فالجراح كثيرة وذي أسهم شتى عليه تِكسَّر ففي أرض أفغان الشهيدة مأتم هل تسمع الدنيا الضجيج وتبصر؟ وفي مصر أنات ووطأة غاشم وليل وآهات ودمع وأقبر وفي دار هارون الرشيد زلازل وآثار مجد أحرقوه ودمروا حنانيك يا بغداد صبراً فربما يتاح لهذا الكفر سيل مطهر لماذا دموع الحزن لست وحيدة وأنت على الأيام عز ومفخر وكل بلاد المسلمين مقابر وهم صور الأحجار تنهى وتأمر تماثيل لكن ناطقات وإنما بلاء البلاد الناطق المتحجر أأرض الشهادات اسلمي المقصود بأرض الشهادات أرض الجزائر أأرض الشهادات اسلمي ما جموعهم وما كيدهم إلا هباء مبعثر وما أمرهم إلا شتيت وربما تبين الليالي بعض ما كان يستر أيختار شعب دينه فيسومه عليه الغريب المستبد المسيطر جراح بني الإسلام غاب أساتها وأناتهم في كل أرض تَضَوَّرُ تساقيهم الدنيا كئوس مذلة على أنهم عزل الأكف وحُسَّر وتجتمع الأحلاف تحت مظلة السلام لتردي فارساً لا يعفر ويحشد أرباب الصليب حشودهم ليستنجزوا الوعد الذي لا يؤخَّر فيا فارساً شهماً أظل زمانه تعال فما كلُّ على الصبر يصبر وعودك حق لم نزل في انتظارها وكل الرزايا في جوارك تصغر وجندك منصور وجيشك قادم ونورك في كل الدياجير يسفر تخطيت أسوار الولايات كلها لأنك من كل الولايات أكبر وترهبك الدنيا وما أنت لعنة ولكنك السيف الذي لا يكسَّر وما أنت إلا طيف حب ورحمة وغيث بألوان المسرات يمطر وأنت لكل الظالمين نهاية فلا غرو إن صالوا وجالوا وزمجروا ونصرك بالرعب اعتلت لافتاته لتعلن أن النصر بالرعب أَشْهُر وأعني بالنصر بالرعب، ما أخبر عنه الرسول صلى الله عليه وسلم: {نصرت بالرعب مسيرة شهر يقذف في قلوب أعدائي} .
أما كلمة "لتعلن أن النصر بالرعب أشهر" فلمعرفة معناها، يمكن مراجعة شرح الحديث في فتح الباري.
والمقصود أن الغرب أصبح مذعوراً مرعوباً من الإسلام القادم، كما سبق أن بينت في مناسبات عدة مع أن المسلمين ما زالوا لا يملكون أي شيء، وإنما هم -كما ذكرت- عزل الأكف وحسر: فيا أيها المستكبرون توغلوا وعيثوا فساداً إن أردتم ودمروا وسوموا عذاب الهون كل شعوبكم وقولوا لهم غير الحقيقة واسخروا وظنوا بأن الأمر طوع يمينكم وأنكم الحتم الذي لا يغير فهذي ديار الظالمين تجيبكم وهذا غدُ الإسلام في الأفق يخطر