رابعاً: شهر رمضان فرصة للإنفاق في سبيل الله، ورعاية المستضعفين في كل مكان.
المستضعفون -أيها الأحبة- كثير، ولعل مما يدمي القلوب، أن تعلموا أنه في الوقت الذي يمتلك المسلمون فيه أكثر الثروات في العالم، فإن أكثر الفقراء في العالم، بل وأفقر الفقراء في العالم، هم في بلاد المسلمين.
وهناك بلاد لا يجد المسلم فيها قوت يومه، ولقد رأيت ورأى غيري -والله الذي لا إله غيره- أجساداً من الكبار والصغار، كأنهم هياكل بشرية، ولولا أن الإنسان رآهم ما كان يصدق أنه يوجد أناس بمثل هذه الصورة، وما يتسامع به المسلمون مما يجري للاجئين الإريتريين في السودان -مثلاً- أو في بنجلاديش أو في كشمير، أو في الجزائر أيضاً، أو غيرها من ذلك الكثير والكثير.
فأين المحسنون؟ أين المتصدقون؟ أين من أنعم الله عليهم بالأموال؟ {هَا أَنْتُمْ هَؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا} [محمد:38]-أي: بترك النفقة في سبيل الله- {يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} [محمد:38] .
يقول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم كما في حديث عياض بن حمار المجاشعي كما في صحيح مسلم: {أنفق فسننفق عليك} و {ما من يوم تطلع شمسه، إلا وملكان يناديان: اللهم أعط منفقاً خلفاً، وأعط ممسكاً تلفاً} .
فيا أيها التجار، ويا أيها الأثرياء، ويا أنصاف التجار وأنصاف الأثرياء، ويا من يجدون سعة فيما أعطاهم الله تبارك وتعالى، أين أنتم من الإنفاق؟! أين أنتم من العطاء الذي يدفع الله به عنكم ميتة السوء والبلاء، ويدخلكم به الله الجنة! ويرضى به عنكم! ويوفقكم، فتكسو عارياً، أو تعين محتاجاً، أو تشبع جائعاً، أو تروي عطشاناً، أو تعلم جاهلاً، أو تهدي ضالاً، إلى غير ذلك.
وأقول بهذه المناسبة: إنني وغيري من الإخوان وطلبة العلم، لدينا استعداد أن نتقبل كل من يرغب أن نكون وسطاء، في إيصال الزكاة والتبرعات وغيرها، ومكتبنا يقوم بصرفها لمستحقيها، سواء في داخل المملكة أو في غيرها من بلاد المسلمين.