الهم يدل عليه العمل

أخيراً فإن هذا التوتر لقضية الإسلام، وهذا الهمُّ، لا بد أن يتمثل في شيء تقدمه للإسلام بعطاء، أو مشاركة، أو عمل قلَّ أو كثر، صغر أو كبر، تستطيع أن تقدمه للدين وتنفع به الإسلام والمسلمين، عطاءً يبدأ بالوعي والانتساب لهذا الدين حقيقةً، ولا ينتهي إلا بآخر نفس يخرج من الإنسان، فما دامت روح الإنسان في بدنه، فهو حريصُُ على أن يقدم العطاء.

هذا العطاء الذي جعل عمر رضي الله عنه يقول فيما رواه البخاري تعليقاً، ورواه ابن حزم في المحلى وسنده صحيح يقول: [[والله إني لأجهز الجيش وأنا في الصلاة]] تزاحمت عنده الهموم والمشاعر، وكلها للدين، فيجهز الجيش وهو في الصلاة، ربما ضاق به الوقت، لم يتسع، والجيش على مشارف المدينة، فـ عمر يفكر في الجيش، لو ولينا فلاناً، لو أمَّرنا فلاناً، لو أخرجنا فلاناً، لو وجهت الجيش كذا، وهو في الصلاة.

هذا الهم هو الذي جعل الإمام الشافعي رضي الله عنه، يتقلب في فراشه حتى يبرق الفجر ما نام فيقول: [[إنه حل في تلك الليلة عشرين مسألة فقهية]] .

هذا الهم الذي جعل شاعراً من شعراء الإسلام، ورجلاً من رجالاته الكبار، يتكلم عن آلامه ومصائبه، وما يعانيه في عصرٍ كهذا العصر فيقول: قال الطبيب وقد أعيتهُ حالتنا ولم يُغادر لما يرجوه من سببِ كيف الشفاءُ بعيشٍ جد مُضطربِ والفكر في شغلٍ والقلبُ في تعبِ ما دُمت في بؤرة الأيامِ مُنتصباً للطعن والضرب لا رجوى لِمرتقبِ ولو ملكتُ خياري والدنا عرضت بِكل إغرائها في فنها العجبِ لما رأت غير إصراري على سنني وعادها اليأسُ بعد الهد والنصبِ قلبي خليٌ عن الدنيا ومُطَّلبي ربى فليس سرابُ العيشِ من أربِ هذا الشعور ربما أفلح واحد في التعبير عنه، لكنه شعور كثير من رجالات الإسلام ودعاته على مدار التاريخ، ويجب أن يكون هو شعوري وشعورك وشعورنا جميعاً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015