أمثلة من حياته صلى الله عليه وسلم

أنا أضرب على ذلك مثلاً: يقول البخاري رحمه الله، في كتاب المناقب من صحيحه: (باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم) ثم ذكر أحاديث كثيرة، منها: حديث عائشة: {أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها مسروراً، تبرق أسارير وجهه، فقال: يا عائشة! ألم تري أن مجززاً المدلجي، نظر إلى أسامة وزيد وعليهما قطيفة، نظر إلى أقدامهم فقال: إن بعض هذه الأقدام لمن بعض} .

لماذا فرح الرسول صلى الله عليه وسلم وسر؟ لأن أسامة بن زيد كان أسود، وأبوه زيد بن حارثة لم يكن كذلك، فكان بعض المغرضين والمنافقين وضعفاء الإيمان، يتكلمون في أسامة بن زيد وفي نسبه من أبيه، فالرسول صلى الله عليه وسلم كان يؤسفه ذلك ويزعجه، خاصة مع علاقتهم ببيت النبوة، فلما جاء مجزز المدلجي، وكان قائفاً يعرف الأشكال والصفات والهيئات، وكانوا قد غطوا بقطيفة، وهو لا يرى وجوههم، لكن رأى أقدامهم خارجة فقال: بعض هذه الأقدام من بعض، فَسُرَّ لذلك النبي صلى الله عليه وسلم.

وذكر البخاري حديثاً آخر، وهو حديث كعب بن مالك في تخلفه عن غزوة تبوك، وكيف أنه كان يقول: [[لما سلمت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبرق وجهه من السرور، وكان إذا سُرَّ صلى الله عليه وسلم تهلل وجهه حتى كأنه فلقة قمر، أو قطعة قمر، وفي رواية: دارة قمر]] .

هذا وجه النبي صلى الله عليه وسلم للإنجاز الذي حققه المسلمون، ولرؤيته لبعض أصحابه رضي الله تعالى عنهم.

ثم بعد هذه الأحاديث ذكر حديثاً آخر، وهو حديث أبي هريرة: {أن النبي صلى الله عليه وسلم ما عاب طعاماً قط، إن اشتهاه أكله وإلا تركه} .

الآن أنا وأنت سرورنا لماذا؟ يمكن أن سرورنا للطعام أكثر من سرورنا لقضية الإسلام، فالواحد منا إذا قدم له طعامُُ جيد، جيد الطهي، والطبخ، سر لذلك وانتبسطت نفسه، لأن اهتماماتنا دون، وقضية الإسلام قد لا تعنينا بنفس القدر، لكن الرسول عليه الصلاة والسلام كان على النقيض من ذلك، فهو عليه الصلاة والسلام ما عاب طعاماً قط، قضية الطعام عنده ليست مشكلة، كيف طهي الطعام، ما نوع الطعام، لا يعيبه إذا أعجبه أكله، وإذا لم يعجبه تركه، والمقصود بلا شك الطعام المباح، أما لو كان طعاماً محرماً فإنه ينهى عنه صلى الله عليه وسلم ويعيبه، إنما المقصود الأطعمة المباحة، فانظر كيف كان حال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015