أجل هذا الشعور -يا أخي الحبيب- تجاه أولادك غريزة لا تنكر، ولا أحد يلومك عليها، هذه عاطفة الأبوة، كذلك شعورك تجاه والديك لا نلومك عليه، لكن نريد شعوراً مشابهاً أيضاً تجاه الإسلام، تجاه قضايا الإسلام والمسلمين، نريد منك -على أقل تقدير- أحزاناً تعصف بقلبك إذا سمعت مصيبة أو منكراً.
وهذا أضعف الإيمان يا أخي هذا الذي قال فيه الرسول عليه الصلاة والسلام: {فإن لم يستطع فبقلبه} على أقل تقدير نريد منك يا أخي دموعاً من أجل الإسلام والمسلمين، ومن أجل مصائب الإسلام والمسلمين في كل مكان، الدموع قضاء العاجزين، لكن هذا أقل ما نريد منك! هذا أقل ما تستطيع، ونحن على ثقة أن هذه الدموع إذا كانت دموعاً صادقة، ليست دموع التماسيح والممثلين، فنحن على ثقة أن هذه الدموع سوف تصنع شيئاً ولو بعد حين.
إذاً لابد أن تكون المشاعر مرتبطة بالإسلام، وما يتعلق بالإسلام، حتى في الحال التي لا تستطيع أن تعمل فيها شيئاً لهذا الدين، فإنك يجب أن تكون ذا قلبٍ يحزن، كما قال القائل: يا راحلين إلى البيت العتيقِ لقد سِرتم جُسوماً وسِرنا نحن أرواحا إنَّا أقمنا على عذرٍ نُكابدهُ ومن أقام على عُذرٍ كمنْ رَاحَا يقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري عن أنس، ومسلم عن جابر: {إن بالمدينة أقواماً ما سرتم مسيراً ولا قطعتم وادياً إلا كانوا معكم} وفي رواية: {إلا شركوكم في الأجر حبسهم العذر} .
إذاً هم بمشاعرهم، بعواطفهم، بقلوبهم معكم، تقطعون الأودية والفيافي والقفار وهم معكم، تنزلون في الصحراء، في الهجير وهم معكم: {ما سرتم مسيراً، ولا قطعتم وادياً إلا كانوا معكم، وشركوكم في الأجر، حبسهم العذر} .