الخلق الثاني: التواضع بالقول والفعل، وتجنب ما يدل على الغرور والعجب والكبرياء، فبعض الناس إذا حاور شخصاً أو حادثه تجد أنه أعرض ونأى بجانبه وازور، فلا يلتفت إلى خصمه ولا ينظر إليه، بل هو قد أعطاه جنبه إشارةً إلى سخرية أو عدم اكتراثه به، وربما بان على قسمات وجه الإنسان، أو حركة حاجبيه أو عينيه أو شفتيه أو وجهه ما يدل على السخرية والاستكبار، والاستهتار بقول الطرف الآخر، بل ربما يزم شفتيه، أو لوى عنقه، أو ما أشبه ذلك، أو أشار بطرف عينه إشارات تعبر عن السخرية والازدراء.
ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم يقول -كما في الصحيح من حديث ابن مسعود -: {الكبر بطر الحق، وغمط الناس} فهذا كله من الكبر، فمن التواضع أن تقبل الحق ممن جاء به، حتى ولو كان أعدى أعدائك وأعدى أعداء مذهبك.
وأنت عليك أن تقبل الحق إذا جاء به، وتعتبر ذلك ضالتك المنشودة، فأنت باحث عن الحقيقة أنى وجدتها فأنت أحق بها.
ومن التواضع أيضاً ترك الألفاظ الدالة على الأستاذية والتعالم والكبرياء، والشعور بالنفس وازدراء ما عند الآخرين، وبعض الناس إذا تكلم أو حاور تجده كثيراً ما يقول: أنا، عندي، قلت، أرى، والذي يخطر ببالي، تجربتي تثبت كذا! وقد ذكر الإمام ابن القيم وغيره من أهل العلم أن إبليس هو الذي قال: {أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ} [الأعراف:12] فأنا هذه المتعاظمة الرادة للحق هي من إبليس، وقارون هو الذي قال: {إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي} [القصص:78] فالذي يقول عندي وهو ليس أهلاً لذلك فهو شبيه بـ قارون، وهكذا فرعون وسائر المستكبرين الذين تعاظموا أنفسكم وردوا الحق.