التهويل وتحميل الكلام مالا يحتمل

والصفة الثالثة: من صفات الحوار عندنا: التهويل وتحميل الكلام أشياء لا تخطر إلا في نفوس مرضى القلوب والنفوس، فلماذا يهول بعض الناس أقوال الآخرين؟ لئلا يتجرأ أحد على القول بمثل ما قالوا! أو نصرة ما ذهبوا إليه! فيحاول المحاور أحياناً أن يحيط القول المردود بهالة رهيبة، فيقول: هذا القول كفر، وهذا فسق، وهذا بدعة، وهذا خرق للإجماع، وهذا مصادمة للنصوص الشرعية، وهذا اتهام للعلماء، وهذا قول باطل لم يسبق إليه ولم ولم! ويظل يهول ويطول ويضخم العبارات، بحيث أن الذي يسمع هذا يشعر أنه قول خطير يجب أن تكون بعيداً عنه، ولا تتورط في قبوله أو الاقتناع بحجة ذلك المتكلم! وقد لا يكون القول كذلك، ولا ننكر أن من الأقوال ما يكون كفراً، ومن الأقوال ما يكون فسقاً، ومن الأقوال ما يكون بدعة، ومنها ما يكون مصادمة للنص، ومنها ما يكون قولاً حادثاً لم يسبق إليه صاحبه، لكن هذه الأشياء كلها لا بد حين يقولها الإنسان أن يثبتها بالدليل الواضح، أما مجرد إطلاق دعاوى فارغة في الهواء فهذا لا يسمن ولا يغني من جوع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015