وأنتم أيها الأحبة؛ أنتم أيضاً أيها الأخيار، لكم جهاد، ولكم ثغور، ولكم رباط، فأين أين المجاهدون الصادقون رباطكم في إنكار المنكرات، التي لا أقول أصبحت في الشوارع! ولكنها دخلت إلى بيوتكم وإلى غرفكم الخاصة، وإلى عقولكم وعقول أولادكم وعقول بناتكم.
وجهادكم أن تبذلوا مما أعطاكم الله عز وجل، فقد ناداكم المنادي، وصاح بكم، وأصبح يتسول على أعتابكم، لا ليكسب من ورائكم لقمة العيش فهو عنكم في غنى، ولكن يطالبكم أن تؤدوا بعض ما أوجب الله عليكم، لكم لا لغيركم فأنتم الرابح الأول والأخير، فإن مال أحدكم له ما قدم ومال وارثه ما أخر، وليس أحد إلا وماله أحب إليه من مال وارثه، جهادكم وجهادكن أيتها الأخوات، أن تربوا أولادكم على معاني الرجولة والبطولة والفداء، وأن تربوهم على دين الله عز وجل، على حفظ كتاب الله، وحفظ حديث رسول الله وعلى طلب العلم النافع وعلى الدعوة وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعلى الولاء للإسلام وأهل الإسلام.
فأين المشمرون؟ وأين المجاهدون؟ وأين المرابطون؟ وإذا لم تذهب بنفسك وربما أمامك عقبات وعقبات فلا أقل من دعوة صادقة، وإنني على ثقة بإذن الله تعالى وهذا من حسن الظن به جل وعلا أن ألوفاً من المسلمين قد قضوا فريضة من فرائض الله وهي الصلاة، وانتهوا من صيام يوم من رمضان، ثم تجمعوا في بيت من بيوت الله، وضجوا إلى الله تعالى بالدعاء وارتفعت أصواتهم، وعلا نحيبهم، وصفت قلوبهم، أن الله تعالى لا يرد هذا الدعاء.
وكيف يرده وهو القائل: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر:60] وكيف يرده وهو القائل: {فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة:186] لكن بصدق النية وصدق اللهجة والإخلاص والانقطاع إليه تعالى، وأن نعلم أن كل العرى وكل الحبال قد تقطعت في أيدينا، وكل الأبواب قد أغلقت في وجوهنا وما بقي إلا باب واحد وهو باب الله عز وجل، فلنطرق هذا الباب ولنلح: أخلق بذي الصبر أن يحظى بحاجت ومدمن القرع للأبواب أن يلجا أفرأيتم أيها الأحبة هذه الجموع الغفيرة ما فيها واحد لو أقسم على الله لأبره يقول صلى الله عليه وسلم: {إن من عباد الله من أقسم على الله لأبره} لو سأل الله لأعطاه ولو طلب من الله لأجابه الله، وقد يكون ضعيفاً وقد يكون فقيراً وقد يكون مسكيناً وقد يكون مغفلاً، ولكن الله تعالى أعلم بعباده قال الله: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ} [القصص:68] فاصدقوا الله تعالى من قلوبكم، وأصلحوا أحوالكم، وتفقدوا بيوتكم، وعليكم جميعاً القيام بدوركم الذي ينتظره منكم إخوانكم المسلمون.
والحمد لله رب العالمين.