آلام المسلمات في البوسنة والهرسك

أيها الإخوة والإخوات: قد وعدت أن أقرأ رسالة من أخواتكم المعذبات في أرض البوسنة والهرسك، وهأنذا آتي اليوم بما وعدتكم به، فهذه رسالة كلها أنين وبكاء من أخوات لنا مستضعفات اعتدى عليهن الصرب، وانتهكوا أعراضهن، الرقم يزيد على مائة وعشرين ألف مسلمة قد اغتصبت بالحرام، وانتهكت أعراضهن، أما الحوامل من هؤلاء، فهن لا يقل عددهن عن ستين ألف امرأة مسلمة، وأنتم تعلمون أن المعتصم سمع صوت امرأة تقول: وامعتصماه في بلاد عمورية، فجهز جيشاً قوامه تسعون ألفاً حتى طرق أسوار هذه المدينة وفتحها، أما اليوم فأكثر من ستين ألف امرأة، قد انتهك عرضها فعلاً، وهي تصيح: وامسلماه فأين السامعون؟ رب وامعتصماه انطلقت ملء أفواه الصبايا اليتم لامست أسماعهم لكنها لم تلامس نخوة المعتصم 1- رسالة من البوسنة: تقول هذه الرسالة: الحمد لله والصلاة على رسول الله أما بعد؛ إلى كل مسلم ومسلمة إلى كل مؤمن ومؤمنة إلى كل عالم إلى كل شيخ إلى كل طالب علم إلى كل إنسان هذه صيحات ستين ألف امرأة حامل على أيدي الصرب، هذا نداء الخلاص من الجحيم الذي نعيش فيه، ونقول: يا أحباب رسول الله صلى الله عليه وسلم يا من تطلبون صحبته يا من تتمنون لقاء الله يا من تطمعون في الفردوس الأعلى من الجنة، يا أصحاب القلوب الحية، يا أصحاب القلوب العامرة بذكر الله، يا من في قلبه رحمة، يا من في قلبه شفقة، يا من في قلبه غيرة، يا من في قلبه نخوة، نحن نرسل لكم هذه الصرخات وهذه الاستغاثات، فنحن أخواتك، ونحن زوجاتك، ونحن بناتك، ونحن أمهاتك، نرسل لك التهاني، ونقول لك ولمن حولك من المسلمين: أنتم الآن تنتظرون شهر رمضان بهمة ونشاط، وعزم وفرح، وهو المطلوب في ذلك، لكن نحب أن نذكرك فنحن أيضاً ننتظر وضع أولاد الصرب، فالفرق في ذلك أن في انتظاركم فرح وسرور، وفي انتظارنا ألم وحسرة وبكاء ونخشى أن يظل هذا البكاء إلى الأبد، لكننا مع ذلك ما زلنا ننتظركم، وننتظر الفرح معكم، فلا نريد أن يحل علينا عيد الفطر المبارك إلا ونحن معكم في فرح وسرور خاصة إذا علمنا أننا تحررنا من الصليب، لذلك نناشدكم بالله أن تنقذونا مما نحن فيه.

أطاب لكم العيش! أطاب لكم طعام! أطاب لكم نوم! أطاب لكم فرح! أطابت لكم سعادة! أطابت لكم ملذات الحياة الدنيا ونعيمها، وأنتم تعلمون ما نحن فيه؟! نحن نحب أن نطرح عليكم هذه الأسئلة ولا تهمنا الإجابة لنعرفها، فعندنا الإجابة، لكن لتعدوها أنتم لعلها تكون بداية لخلاصنا.

كيف استطاع الصليبيون إخراج رجالهم من الخمّارات وهم سكارى لقتالنا واغتصابنا وهم على باطل؟ وكيف لم نستطع نحن ولم تستطيعوا أنتم إخراج رجالنا من المساجد لإعلاء راية الإسلام والجهاد في سبيل الله؟ ونقول لكم: نحن نطالبكم بالحق الشرعي الإسلامي فقط لا غير، فإذا لم يهز قلبك هذا الخبر، ولم تحرك قلبك هذه الصيحات، فما الذي سيهزك، فلقد هزت وامعتصماه واحدة وليس ستون ألف (وامعتصماه) ، هزت جيوشاً، هزت الجبال والأرض والنفوس، فمتى تصل وامعتصماه إلى قلوبكم؟ إننا ننتظر الموت فلم يعد للحياة طعم بعد الآن.

أخواتكم النساء المسلمات في البوسنة، هذه دمعة حزن تترقرق على خد كل فتاة مسلمة.

2- رسالة أخرى من البوسنة: وفي مقابلها دمعة فرح لا بد أن نأسوا بها جراح القلوب التي أمرتها الجراح، فهذه رسالة بليغة معبرة بعثت بها أخت مؤمنة إلى ولدها المرابط على الثغور، إلى ابنها وفلذة كبدها الذي يحمل السلاح؛ دفاعاً عن أعراض المسلمات في البوسنة والهرسك: إلى ولدي الغالي الحبيب أبي العالية؛ حفظك الله ورعاك، السلام عليك ورحمة الله وبركاته، ما أجمل اللقاء بعد الانتظار ولو عبر السطور وبين الكلمات، بها يعلو الوجه النظارة ويرفرف القلب ليتابع البسمات، أعيش معك ومعكم جميعاً، ومن بين السطور لنا كلام، مرفوعٌ بيننا الغضب والملام، عتاب المحبة في الأجواء يسري كالهمام.

ولدي الحبيب أخاطبك وأخاطب أبنائي جميعاً، حقاً إن الإخوة في الإسلام والعقيدة، أقوى وأحلى وأحب وأقرب من الإخوة في الدم والنسب، كلنا شوق للقّاء، لكن الجدير بالذكر أين اللقاء؟ في الأرض أم في السماء؟ على أرض من الطين والحصباء، أم على أرض ترابها زعفران وبهاء، في ليلة بعدها ليلة بعدها الفناء أم في زمان في ضحوة ما لها انتهاء، مع صحبة بعدها فراق، أم صحبة خلد وفردوس وبقاء؟ فلنعبر الشوك جميعاً لنلقى الأحباء يقول الله عز وجل: {قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ} [البقرة:61] .

ولدي الحبيب، كلنا يعد عدته للقائكم فأنتم الأعلون أيها المجاهدون إن أخلصتم النية لله تعالى فأنتم الظاهرون، وعدنا الله بالنصر المؤزر والفتح، فلنحذر أنفسنا التي بين جنبينا.

أبا العالية الأم هي التي تحب ولدها، هي التي تتطلع إلى الغد كي يزهو نجم ولدها، كيف سيظهر ولدها في الآفاق، كيف تعلو درجاته؛ كيف يكون إنساناً ناجحاً، تتطلع إليه العيون بالاحترام والتقدير بما وصل إليه دائماً تتطلع إلى الأمام للغد الذي ينتظر ولدها كيف تفرش له الأرض رياحين، كيف تحل البسمة لا تفارق جبينه، هأنذا أصدقك القول يا أبا العالية أتمنى من الله العلي القدير أن يجعل لك نصيباً في العلو والرفعة عند الله، وأن يجعلك الله من الصديقين الذين صدقوا الوعد وباعوا أموالهم؛ ليشتروا جنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين.

أنا أتطلع إلى الغد المشرق الذي وعدنا بها ربنا جنات عدن لقاء دائم، سعادة أبدية، نشوة روحية، زوجات حسان كأنهن الياقوت والمرجان، تذكر قول الله عز وجل في سورة الرحمن التي تسمى عروس القرآن: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} [الرحمن:46] {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [الرحمن:47] {ذَوَاتَا أَفْنَانٍ} [الرحمن:48] {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [الرحمن:49] {فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ} [الرحمن:50] {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [الرحمن:51] {فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ} [الرحمن:52] {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [الرحمن:53] {مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ} [الرحمن:54] {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [الرحمن:55] {فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ} [الرحمن:56] {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [الرحمن:57] {كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ} [الرحمن:58] {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [الرحمن:59] {هَلْ جَزَاءُ الإحسان إِلَّا الإحسان} [الرحمن:60] اللهم اجعلنا معهم يا رب العالمين، هذا ما أتمناه لك ولجميع أبنائي في الجبهة، هذا هو الأمل المنشود، أتمنى لكم الراحة والطمأنينة والعزة والرفعة والخلود غداً الدائم، كما يقول رب العزة في الحديث القدسي {يا أهل الجنة خلود فلا موت} هذا هو العز الحقيقي هذه هي المكانة.

ولدي الحبيب، أنا لا أريد أن تعود إلى الدار الفانية، ولكن عندكم المعبر للعز والخلود والشرف والرفعة فكيف أسمح لقلبي وعقلي وفكري أن يناديك من الأعلى إلى الأدنى، أنا التي أحاول أن أصعد إلى الدرجات التي وصلتم إليها فشدوا من أزري وادعوا لي جميعاً أن ألحق بكم حتى أناضل إلى جانبكم بقدر ما أعطاني الله تعالى من وسع وقوة.

أبا العالية؛ أناديك وأناشدك الله، أنت وجميع الأبناء الأحبة، أقولها صدقاً وأنت تعلم جيداً أنني لا أتكلم إلا إذا كنت على يقين من كلامي، لقد أحببت الجهاد في سبيل الله، لقد تغير فكري كثيراً، كل كياني ينضب بالجهاد، عيناي لا تتخيل غيركم، فكري لا يحتوي سواكم، فأنا أحبكم جميعاً.

أرجو أن تبلغ جميع من تراهم أني أبلغهم التحية.

ابني الحبيب حفظه الله؛ {أتى رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: أي الناس أفضل؟ قال: مؤمن يجاهد بنفسه وماله في سبيل الله} ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: {رباط يوم في سبيل الله خير من ألف يوم فيما سواه من المنازل} من هذا المنطلق العظيم والأجر الوفير الذي ينال المجاهد احتسبتك عند الله تعالى صبرت وسأصبر الكثير والكثير حتى آخر لحظة من عمري، وحتى آخر قطرة من دمي، الفراق صعب والضنى والولد غالي، ولكن الجنة لها ثمن، وهذا أبسط ما نقدمه لله، الشهادة لننال بها رضاء الله تعالى.

والمجرمون الملاحدة الكفار، قد انتهكوا العورات، وهتكوا أعراض المسلمات، واعتدوا على البلاد، وأنتم الأمل المنشود لا بد أن نثابر ونناضل ونجاهد حتى النصر، النصر لدين الإسلام النصر لتكون كلمة الله هي العليا، التضحية من أجل أن يعبد الله وحده لا شريك له، بحرية وراحة وطمأنينة، الكثيرون ممن أخرجوا من ديارهم وأموالهم وأولادهم يدعون الله تعالى لكم بالثبات وبالنصر المؤزر من عنده وهو العلي العظيم.

ولدي عبد العزيز؛ الكل لا ينجو من عذاب القبر، الكل لا يفرمن ضمة القبر، إلا المجاهد في سبيل الله، هو الذي لا يكدر صفوه عند نومه مكدر، ولا أقول موته فإنه حي كما ذكر الله عز وجل {أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران:169] وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {رباط يوم وليلة في سبيل الله خير من صيام يوم وقيامه، وإن مات فيه؛ أجري عليه عمله الذي كان يعمل وأجري عليه رزقه وأمن فيه من الفتنة} .

سبحان الله! هذا كله في انتظاركم؛ إن صدقتم النية مع الله تعالى.

يا ولدي، أنت حملت في اسمك من أسماء الله تعالى العزيز وهو القوي القادر القاهر، فأرجو أن تتمثل فيك عزة الإسلام وأن تكون قوياً على أعداء الله من الكفار والمشركين رحيماً بإخوانك المؤمنين، قال رسول الله صلى ال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015