الانتساب للجماعات والحركات

ثانياً: الانتساب لجماعة أو مجموعة أو حزب، أو حركة من حركات الدعوة في العالم الإسلامي.

فكثيراً ما نسمع من يقول مثلاً: هذا من الإخوان، وهذا من السلفيين، وهذا من التبليغ، وهذا من هذه الفئة، وهذا من تلك، وأحياناً يكون هناك ولع وانهماك واندماج في التصنيف بشكل عجيب، حتى أصبح هذا فناً يدرس ويلقى! نعم.

التعاون على البر والتقوى مطلوب: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة:2] والتواصي بالحق والتواصي بالصبر من دين الله عز وجل، وأن يجتمع الإنسان مع إخوانه، ويتشاور معهم، وينسق المواقف، ويستفيد منهم؛ كل ذلك طيب ولا حرج فيه، وهذه الأشياء كلها تعني مزيد الصلة بين المؤمنين، ومزيد التلاحم والترابط، لكن لا تعني مجافاة من قد يكون له اجتهاد آخر، أو يكون في بلد آخر، أو يكون في واجب أو فرض كفائي آخر يقوم به أيضاً، فإن هذه الأشياء ينبغي ألا تتحول إلى حواجز بين المؤمنين، وألا نحاكم الناس أو نحاسبهم على أساس القائمة، بمعنى: ما دام أن فلاناً من المجموعة الفلانية فهو فاضل، وما دام أنه من تلك المجموعة الأخرى فهو خاطئٌ أو منحرف أو ضال ليس هذا بلازم، الله سبحانه وتعالى يقول: {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً * لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً * وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً} [مريم:93-95] هل قال: كلهم سوف يأتون جماعات ويحصرون في قوائم؟! لا.

قد يكون الشخص مع مجموعة عليها نوع من التقصير وهو فاضل، وقد يكون مع مجموعة فاضلة وهو مقصر، وكثرة الاشتغال بمحاسبة الناس ومحاكمتهم والقيل والقال، هذه ليست من الأشياء المحمودة، فإن أكمل الناس وأفضلهم هو أعفهم لساناً، حتى حينما يريد أن يصحح أو يعدل؛ لأننا لا نزعم أن التجمعات أو العناوين الإسلامية أنها مجموعات للكملة والفضلاء، أو أن هذه هي الإسلام، إنما قصاراها أن تكون مثل المذاهب الفقهية، مالك والشافعي وأحمد وأبي حنيفة وغيرها، اجتهادات معينة يستند أصحابها في الأصل على الشريعة وعلى الكتاب والسنة، ولكنهم يخطئون ويصيبون، والتعصب مردود، كأن تقبل خطأه وصوابه؛ لأنك تحبه، أو أن ترد كل ما عنده؛ لأنك لا تحبه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015