الإغراق في الجزئيات ظاهرة سلبية

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أيها الأحبة: لا أشبه نفسي بين أيديكم في هذه الأمسية المباركة، في ليلة الخميس السابع عشر من شهر ربيع الثاني لسنة (1412هـ) إلا كما يكون الطالب إذا وقف في صالة الامتحان, وأراد أن يكتب ما في ذهنه من الجواب, فرأى أن أمامه سؤالاً طويلاً عريضاً يستغرق الجواب عنه ساعات وساعات.

فقد تجشمت على إعلان هذا الموضوع، أو الموافقة عليه، ألا وهو: الإغراق في الجزئيات، وكنت أحسبه موضوعاً محدوداً يمكن أن يمر به الإنسان في ساعة أو بعض ساعة، فلما فكرت في هذا الموضوع وتأملت وقلبت وجوهه، وناقشته مع جمع من الدعاة والعلماء والمفكرين، وراجعت فيه ما راجعت، تبين لي أن هذا الموضوع أكبر من أن تحيط به جلسة، أو يحده حديث عابر، إذ أن الإغراق في الجزئيات كظاهرة سلبية في حياة المسلمين اليوم، بل ومنذ عشرات السنين، ليست ظاهرة محصورة في جانب فحسب، ليست خطأ يعيشه الدعاة مثلاً فقط، وإنما هي خطأ يعيشه المسلمون في كل مجالات حياتهم بدون استثناء، فهم مغرقون في الجزئيات في أدق أمورهم وفي أعظمها، واشتغالهم بالجزئيات شغلهم عن العناية بالكليات، والاهتمام بمعالي الأمور.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015