وهذه ورقة في غاية الخطورة وصلتني منسوبة إلى كاتب في إحدى المطبوعات المنسوبة إلى معهد عتيد شهير، طالما تكلم الناس عنه، كلام في غاية الخطورة تستغرب أن يصدر من إنسان يتكلم بكامل وعيه، يقول بعنوان النافذة الضبابية: بعض الملتحين تذكرك أشكالهم بالصحابة، وبعضهم يذكرونك بكفار قريش، اللحية رمز عربي وليست من الإسلام في شيء؛ لأن العرب كانوا يلتحون منذ أيام الجاهلية -كل العرب بما فيهم أبو جهل وأبو لهب - وكانوا يعتبرونها منظراً مهيباً يخيفون بها الأعداء، وكان كفار قريش يبالغون في إطلاق لحاهم وكثافتها لتعبر عن الفروسية والشجاعة.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم له لحية شأنه شأن العرب، ولم يطلقها بعد الإسلام، ولا تعني في الإسلام شيئاً مميزاً للمسلم، كل ما في الأمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكره رؤية اللحية الكثة -انظر كيف الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم! لم يتكلم على أقوال الرسول عليه الصلاة والسلام، تكلم عن مشاعر قلبية في قلب الرسول صلى الله عليه وسلم- كان يكره رؤية اللحية الكثة ويتضايق منها، فقال: {حفوا الشوارب وأكرموا اللحى} أكرموها بمعنى: هذبوها، رتبوها، امشطوها، وليست بمعنى: أطلقوها لأنها مطلقة أصلاً.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يرتاح -لا حظ الكلام مرة أخرى عن مشاعر النبي صلى الله عليه وسلم لم تقف الجرأة عند الكذب عليه صلى الله عليه وسلم بالقول وكفى به أثماً مبينا، {ومن كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار} بل تطور الأمر إلى الكذب في التعبير عن مشاعر في قلب النبي صلى الله عليه وسلم- كان يرتاح للوجوه النضرة، واللحية المهذبة، ويرعبه شكل الإنسان المشوه، ولا أبلغ من قول الله تعالى: {لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَاراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً} [الكهف:18] .
شكلهم المخيف بسبب لحاهم التي غطت وجوههم، وأظفارهم التي وصلت إلى الأرض، وليس لسبب آخر فهم بشر وطولهم متوسط، لذا بقيت صورة الرعب هذه في ذهن النبي صلى الله عليه وسلم.
ومرة ثالثة يتكلم عن ذهن النبي صلى الله عليه وسلم، أن الصورة بقيت في ذهنه عليه الصلاة والسلام، فكان كلما رأى من هو كث اللحية، تذكر شكل أهل الكهف، حتى التذكر يفتري على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يستطع رسول الله صلى الله عليه وسلم صبراً على ذلك وقال ذلك الحديث المشهور.
يقول: في هذه الأيام برز جيل من الملتحين، لا يعرفون أن الدين المعاملة، ويجهلون أن الدين النصيحة، ويتناسون أن الإسلام جملة من المحبة والمودة والفضائل، لا يعرفون أن المسلم هو من سلم المسلمون من لسانه ويده، نسوا محاسن الإسلام وسلوك الإسلام، وتمسكوا باللحية وكأن الإسلام لحية، لا يعرفون أن اللحية تعبر عن الأمة العربية أحسن تعبير، ونسوا أن أحبار اليهود ورهبان النصارى وكفار قريش والهندوس والشيوعيين يلتحون، وكذلك البدائيون من الخلق.
النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل ما يفيد أن اللحية من الإسلام في شيء، وإنما قال حديثاً يزجر به الذين شوهوا مناظرهم بلحاهم الكثة، الذين كانوا ينتفونها بأيديهم، ويقضمون شواربهم بأسنانهم، ويشوهون منظرهم الإنساني الجميل.
فقال عليه الصلاة والسلام ما معناه -الآن انتقل من الكذب على قلب الرسول صلى الله عليه وسلم بالمشاعر، وعلى عقله بالتذكر والتصور إلى الكذب على لسانه صلى الله عليه وسلم- فقال ما معناه: يا جماعة هذبوا لحاكم وحفوا شواربكم بالمقص وليس بأسنانكم.
الجهلة اعتقدوا أن هذا هو الحديث الوحيد الذي يرمز إلى إسلام المرء، ومن حقك إذا أطلت لحيتك أن تشتم الناس وتكفرهم وتفرق بينهم، وتحلل دماءهم ونساءهم.
ا.
هـ هذا الكلام ليس كلاماً علمياً حتى نرد عليه بالمنطق العلمي والحجة والبيان، وإنما هو كلام سفه، وكلام افتراء، وكلام تهويش وتشويش، وكلام إنسان في حالة انفعال لا يفرق فيها بين الحق والباطل، والخطأ والصواب، والنور والظلام، فهو يتقول على الله عز وجل وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم، ومثل هذا الكلام ينبغي أن يعرف بالضبط من قاله، وينبغي أن يعرف بالضبط أين نشر، وينبغي أن يعرف بالضبط من الذي سمح بنشره، وينبغي أن يخضع ذلك كله لمحاكمة من قبل الغيورين على أمر الإسلام.
هناك كلام أيضاً عن آخر أخبار المجاهدين الأفغان، وهناك كلام عن آخر أخبار المسلمين في يوغسلافيا والموقف الغربي، وهناك كلام عن بعض الموضوعات المتعلقة بأمور أخرى.