Q يرى بعض كبار السن أن ما درجوا عليه من عادة هو الشرع، وإذا رأى من أولاده خلاف ما اعتاده شنع عليهم، ما رأيكم في ذلك؟
صلى الله عليه وسلم هذا أيضاً سبق الإجابة عليه أثناء هذه الكلمة، فالمسلم لا يعبأ لا بالمعروف ولا بالعرف، ولا بما درج عليه الآباء والأجداد، وإنما شأنه وديدنه اتباع النص، وكما يقولون: إذا جاء نهر الله بطل نهر معقل، ويقول الآخر: دعوا كل قول عند قول محمد فما آمنٌ في دينه كمخاطر فالمتبع للسنة آمن في الدين، أما الذي يتبع الأهواء والمألوف فهو مخاطر، ولذلك أقول ليس عرف الآباء والأجداد من مصادر هو التشريع، مصادر التشريع هي: القرآن والسنة والإجماع والقياس الصحيح، وما تبع ذلك من المصادر التي عدها الأصوليون وأقروها، أما الرؤى والأحلام والقياس الفاسد، والرغبة والهوى، والأشياء التي أخذناها عن الآباء والأجداد، فهذه كلها ليست من مصادر التشريع، ولا تحل حراماً، ولا تحرم حلالاً، ولذلك أحذر إخواني من التأثر بذلك، وقبل أن أترك الجواب عن هذا السؤال أحب -أيضاً- أن أشير إلى ناحية أخرى؛ قد يكون هناك أمور كثيرة درج الناس على خلافها، فاعتادوا غيرها، فيأتي طالب علم يعلم أن هذه الأشياء لا بأس فيها، فقد يصادم الناس بأمور لم يتعودوها، فيترتب على ذلك مفاسد، وتثور فتن في أمور بسيطة، ولذلك تجد -مع الأسف- المسلمين مشغولين بقضايا تافهة؛ لأنها ليست من الدين أصلاً، إنما هي من عقولهم حاولوا أن يبحثوا لها عن أدلة، فهم مشغولون في أمور فلكية، أو في صناعات، أو في أمور طبية، أو اجتماعية أو غيرها ليس لها حكم في الإسلام، بل هي من الأمور المسكوت عنها، المتروكة لاجتهاد البشر، ومع ذلك تثور المعارك بينهم من أجل ذلك، فالأولى بطالب العلم أن يكون حكيماً في إيصال ما لديه من العلم إلى الناس، وألا يصادم العامة بما يكرهون، حتى لا يصيبه ما يكره، وحتى يقبلوا منه ما عنده من الحق، والإنسان يجب أن يأتي الأمور من أبوابها.