Q يقول السائل هل الزيادة في النافلة تعتبر تشدداً في الدين -أي: هل الزيادة في السنة الراتبة التي قبل الصلاة وبعدها يعتبر تشدداً- أفيدونا جزاكم الله خيراً؟
صلى الله عليه وسلم النوافل -أيها الإخوة- على أنواع، فهناك السنن الرواتب وهي معروفة، وهناك نوافل حث عليها الرسول صلى الله عليه وسلم، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: {بين كل أذانين صلاة} أي: بين كل أذان وإقامة سنة، وقال في الثالثة: لمن شاء، وكقيام الليل وما أشبه ذلك، فإذا فعل الإنسان نافلة من النوافل المطلقة التي لم يرد فيها نص خاص، فإن كان هذا الأمر منسجماً مع ما ذكرنا معطياً كل ذي حق حقه، ولم يبالغ في الزيادة في التعبد، فهذا الأمر لا يعتبر تشدداً.
ولكن لو أن إنساناً زاد في ذلك كما يفعله -أحياناً- بعض الصوفية -أو كثير من الصوفية - فتجد أنهم يقومون الليل كله، فلا شك أن هذا الأمر غير مشروع أن يستمر عليه؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقوم وينام، وقد أرشده الله تعالى إلى ذلك بقوله: {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً} [المزمل:2-4] .
إذن فالمبالغة في الإكثار من التعبد بدعة، والمبالغة في ذلك تكون بتعدي المشروع.
وهناك صورة أخرى تعتبر بدعة وهي أن يشرِّع الإنسان نوعاً من العبادة غير مشروعة؛ لأن العبادات توقيفية فلا يخترع الإنسان من عند نفسه عبادة ويداوم عليها، فلو أن إنساناً داوم على لون من الصلوات -غير المشروعة- في يوم محدد وفي وقت محدد كما يفعله كثير من الناس فيما يسمى بنوع من أنوع الصلاة، وقع فيه كلام بين العز بن عبد السلام وغيره من العلماء، وقد تكلم فيه الإمام النووي وابن الصلاح وغيرهم، ويسمون هذه الصلاة: صلاة الرغائب.
فمثل هذه الصلاة وغيرها من الصلوات التي يخترعها الإنسان نقول: لا يجوز أن يبتكر الإنسان من عند نفسه طريقة معينه في التعبد، أما الصلوات المشروعة أو السنن المطلقة، فهذه كلها لا شيء فيها؛ بل يثاب الإنسان على فعلها.