حكم هجران أهل المعاصي

Q يقول السائل: ذكرت في محاضرتك أن التشدد مذموم، وأن التشدد مع الفاسق يوجب له الابتعاد عن دين الله، فهل يعني ذلك عدم الإنكار عليه، وهل يعني ذلك عدم هجر أهل المعاصي والابتعاد عنهم بعد نصيحتهم إذا نصحتهم وحذرتهم، أرجو توضيح ذلك؟

صلى الله عليه وسلم أما قضية إنكار المنكر فأقول: إن هذا واجب، لكن كيف تنكر المنكر؟ قد تنكر المنكر بأسلوب يترتب عليه ما هو أشد مما أنكرت، وقد تنكر المنكر بأسلوب يحببك إلى من أنكرت عليه، ودعونا نقف عند الأمثلة التي ذكرتها في المحاضرة، كيف كان الرسول صلى الله عليه وسلم يفعل، هل كان يسكت عن المنكر؟ كلا، بل كان ينكر على كل من فعل خطأ لكن ينكر بالأسلوب المناسب، وبالأسلوب الحكيم، فقد أنكر على من تكلم في الصلاة، وأنكر على من بال في المسجد، ولكن كانت طريقته في الإنكار طريقة محببة تدعو إلى القبول والاستجابة، وليست طريقة شديدة تدعو إلى النفور من هذا الأمر، فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب، ولكن بالحكمة والأسلوب المناسب.

أما النقطة الثانية: وهي قضية الهجر، فأقول: الهجر أنواع: فإن علمت أن هذا العاصي قد يرتدع بالهجر كان هجره مطلوباً حينئذٍ، كما لو كان شخصاً يجلك ويحترمك ويقدرك فإذا هجرته تضايق من ذلك وأقلع عما هو فيه، أما إذا علمت أن هجرانك لهذا العاصي قد يزيده معصية، ويجعلك لا تنكر عليه شيئاً، ويجعله إن كان يجاملك في الماضي بأشياء ربما لا يبالي بك بعد هجره، فحينئذٍ يكون عدم الهجر أولى من الهجر، فالهجر أمر مصلحي يخضع لنوعية الشخص المراد هجره، وطبيعة الظروف المحيطة به.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015