صفة البشرية

أيها الإخوة! الله تبارك وتعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة:128] صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً، إن هذه الآية تلخص لنا حقيقة الرسالة المحمدية التي امتن الله بها على البشرية كلها، فأقامها هدايةً للمهتدين وحجةً على المعاندين، إنها تلخص حقيقة هذه الرسالة، وتبين صفة هذا الرسول وأنه من أنفسنا، فهو من البشر، وليس ملكاً من الملائكة، ولا خلقاً آخر غير البشر، وذلك حتى يكون مجالاً للاهتداء بهديه والاستنان بسنته، ولئلا يقول منقول: إن هذا الرسول يستطيع ما لا يستطيعه البشر، أو يملك ما لا يملكه البشر، ولذلك وصفه الله سبحانه وتعالى بالبشرية، في غير ما آية من كتاب الله، وأمره أن يعلن على الملأ أنما هو بشر كسائر البشر، قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} [الكهف:110] فهو من أنفسنا من هذا الاعتبار، وهو من أنفسنا -أيضاً- باعتباره من جنس العرب الذين بعث فيهم، ونزل القرآن بلغتهم، فالحجة عليهم أكبر من غيرهم من الشعوب والأجناس الأخرى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015