سابعا ً: حرمان المرأة من بعض حقوقها الشرعية ومنها: حقها في الزواج كما أسلفنا.
ثانياً: حقها في الميراث، وبعض البيئات تمنع المرأة من الإرث الذي شرعه الله تعالى لها في كتابه، تأسياً بحال أهل الجاهلية الذين كانت المرأة عندهم موروثة لا وارثة، فكان بعض الأقرباء إذا أعجبته زوجة الميت ألقى عليها ثوبه، ثم قال: هذه لي، فلا تكون لأحد غيره إلا أن تفتدي نفسها منه.
ثالثاً: الخروج الشرعي المباح لحاجة أو مصلحة، كخروج المرأة مثلاً لزيارة والديها، فإنه حق مشروع لها أو خروجها لزيارة أهلها، وقد جاء هذا في حديث ضعيف ذكره بعض الشيوخ ولا يصح.
ومثل ذلك خروجها للعلاج أو لطلب علم تحتاج إليه أو للدعوة إلى الله تعالى، والدعوة إلى الله تعالى أمر لابد منه في المجتمع، فلابد للناس من آمرين بالمعروف وناهين عن المنكر ومعلمين، ونحن نعلم أنه في مجتمع الرسول صلى الله عليه وسلم كان هناك من النساء من تعلم، بل كانت أمنا عائشة رضي الله عنها، كانت معلمة للرجال، قال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه: [[ما أشكل علينا أمر؛ فسألنا عنه عائشة إلا وجدنا عندها منه علماً]] وكانت تستدرك على الصحابة، وقد استدركت على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب كثيرا ً، واستدركت على عبد الله بن عمر وعلى أبي هريرة وعلى ابن عباس وعلى ابن مسعود وغيرهم.
وجمع استدراكاتها وملاحظاتها الإمام الزركشي في كتاب سماه الإجابة في إيراد ما استدركته عائشة رضي الله عنها على الصحابة ".
وإن كنا نحن جميعاً نرى أن القرار في البيت ولزومه أحسن للمرأة وأفضل، وهو وصية الله تعالى لأفضل النساء وأطهر النساء، أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قال تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} [الأحزاب:33] لكن هذا الأمر وهذه الوصية لم تمنع أزواج النبي صلى الله عليه وسلم من الخروج للزيارة (زيارة الأهل) والخروج لقضاء الحاجة، والخروج للصلاة في المساجد أحياناً، وصلة الرحم، والخروج مع المسلمين في الغزو إلى غير ذلك.
رابعاً: حرمان المرأة من رؤية أبنائها خاصة في حالات الطلاق، حيث يحال بينها وبين فلذات أكبادها.
خامساً: حرمانها من النفقة الواجبة لها في أحوال كثيرة، سواء حين تكون بعصمة الزوج، أو تكون بغير عصمته.
سادساً: منعها من الإنجاب أو منعها من كثرة الأولاد، مع أن الأولاد هم كما قال الله تعالى أنهم زينة الحياة الدنيا: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الكهف:46] وما هو تصورك لو كنت أنت عقيماً لا يولد لك؟! كم كنت تشتاق إلى ضم الأولاد وشمهم ورؤيتهم؟ وتفرح حتى بصياحهم وبكائهم.
وإذا سمعت صراخاً في بيت الجيران غمك قلبك، وامتلأ صدرك بالحسرة فلماذا لا تعامل الناس بهذا المنطق الذي تريده لنفسك؟! لماذا تمنع زوجتك من الإنجاب؟! ما رأيك لو ماتت دون أن يكون لها ولد؟ ألا تشعر بالحزن والإثم أن تكون سبباً في انقطاعها من الذرية الذين يدعون لها في الدنيا وقد يكونون سبباً في رفعة درجاتها في الجنة؟ إنه لا يجوز للرجل أن يحول دون زوجته ودون الإنجاب.
وبعضهم قد تكون زوجته معه ست سنوات أو سبع سنوات يمنعها من الإنجاب لماذا؟ لأنه لا مكان عنده للتربية ولا وقت مثلاً، أو لأنه يريد أن تكون خفيفة، أو لأنه لم يستقر معه قرارها، امرأة عندك منذ ست سنوات أو سبع أو ثمان وما استقر قرارها معك أو قرارك معها بعد؟! إن هذا أمر لا يجوز بحال.
فعليك أن تتقي الله، والرسول صلى الله عليه وسلم أشهد في خطبة حجة الوداع على رءوس الأشهاد، وعلى رءوس الناس وقال: {اتقوا الله في النساء، اتقوا الله في النساء، اتقوا الله في النساء؛ فإنهن عوانٍ عندكم - أي: أسيرات في بيوتكم- استحللتم فروجهن بكلمة الله، وأخذتموهن بأمان الله} أو كما قال عليه الصلاة والسلام، ألا فاتقوا الله في النساء، فلا تخالف وصية الرسول صلى الله عليه وسلم إن كنت ترجو أن تحشر معه يوم القيامة، وأن تدخل الجنة، وأن تكون ممن أنعم الله عليهم وحشرهم مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً، فلا تخلف وصية محمد صلى الله عليه وسلم في هؤلاء النساء الأسيرات عندك في منزلك.
وبعضهم يريد أن تنجب بين الحين والآخر، ويجعل بين الولد والولد وقتاً طويلاً جداً، والمرأة تكون متعلقة بالأولاد.
يا أخي سبحان الله! ما يدريك أن تكون سعادتك أنت في الدنيا والآخرة بسبب بركة هؤلاء الأولاد الذين أنجبتهم لك؟! لماذا تمنع نفسك من الخير، وتحول دون هذا الأمر الذي شرعه الله تعالى، وجعل فيه بركةً وخيراً وبراً؟! ومما يذكر أن رجلاً كان عنده أربعة أطفال، فقام بربط رحم زوجته لئلا تنجب، فكان أن حصل حادث مفاجئ ذهب فيه هؤلاء الأولاد الأربعة كلهم في لحظة واحدة، فاتقِ الله أخي الكريم! ولا تمنع زوجتك من الإنجاب ما دامت تريده، ولا تحل بينها وبين طفل تضعه في حجرها، وتضمه إلى صدرها، وتشمه فتفرح به، ويكون أنساً لها في حياتها، وسعادةً لها في قبرها وفي آخرتها بدعائه واستغفاره، وهناك شكاوي في الواقع كثيرة في هذا القبيل.
ومن ذلك أيضا العقوق بالأمهات، فهو حرمان من الحقوق الشرعية، والنبي صلى الله عليه وسلم سأله سائل كما في الصحيح: {من أبر؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال في الرابعة: أبوك} وفي رواية: {أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل -وهو حديث في الصحيح أيضاً- عن أفضل الأعمال فقال: أيمان بالله، قيل: ثم أي؟ قال: بر الوالدين، قيل: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله} فقدم صلى الله عليه وسلم بر الوالدين على الجهاد في سبيل الله، والحديث الثالث: {أنه جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يقول: جئت أجاهد معك، وتركت والديا يبكيان، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ارجع فأضحكهما كما أبكيتهما} وفي رواية: {أنه عليه الصلاة والسلام سأله فقال: أّحَيٌّ والداك؟ قال: نعم، قال: ففيهما فجاهد} .
وكان رجل يطوف بالبيت ويدعو الله تعالى على ولده ويقول: جزت رحم بيني وبين منازلٍ جزاءً كما يستنزل الدين طالبه وربيته حتى إذا ما تركته خا القوم واستغنى عن المسح شاربه تغمط حقي ظالماً ولوى يدي لوى يده الله الذي هو غالبه أئن رعشت يدا أبيك وأصبحت يداك يدي ليث فإنك ضاربه؟! إن من المآسي العظام أن أصبحنا نسمع اليوم قصصاً ترتعد لها الفرائص فزعاً ورعباً.
من كان يتصور أن يعتدي رجل على أمه بالقتل؟ وأي قتل؟! إنه يقتلها بكل الوسائل، فيضربها بالسكين، فإذا عجز صب عليها الأسيد، فإذا عجز ضربها بالحجارة، فإذا عجز استخدم كل الوسائل؛ حتى يفلح أخيراً في قتل أمه بهذه الوسائل.
سبحان الله! حتى والإنسان يقتل حيواناً أو إنسانا مستحقاً للقتل، يقول النبي صلى الله عليه وسلم، كما في حديث شداد بن أوس وهو في الصحيحين: {إن الله تعالى كتب الإحسان على كل شيء، فإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته، وإذا قتلتم فأحسنوا القتلة} .
فيا سبحان الله! هذا الأمر الدوي الذي بدأ يتسرب إلى مجتمعاتنا، فضلاً عن العقوق، نساء كثيرات من العجائز، وكبيرات السن والأرامل، قاعدات في البيوت يلقين ألواناً من الضيم والذل والهوان، لا يعلم بها إلا الله عز وجل! يا أخي! هذه جنتك ونارك، النبي صلى الله عليه وسلم يقول: {الزمها الزم قدمها فثم الجنة} حديث صحيح، فماذا تريد أنت أكثر من أن يجعل الله السعادة في قلبك، ويجعلك مباركاً أينما كنت، ويوفقك في أمور دينك ودنياك، ويجعل الجنة لك بفضله سبحانه! ثم بفضل برِّك بأمك؟! البر بالأم سبب في السعادة، وسبب في قبول الدعاء، وسبب في سعة الرزق، وسبب في صلاح الأولاد إلى غير ذلك من النعم التي ينعم الله بها على البررة.