سؤال من أجل المسلمين

شتان بين هؤلاء، وبين من يطلبون من الناس لا لأنفسهم ولا لذواتهم، بل هم عن ذلك كله بمعزل، وإنما يسألون الناس لإخوانهم المسلمين، فهم أدلاء على الخير، دعاة إلى أبوابه، يعملون على هداية الناس إلى ما ينفعهم، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث أبي هريرة وهو في صحيح مسلم: {من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه من غير أن ينقص من أجورهم شيء} .

فهؤلاء الذين يدعون الناس إلى الخير وإلى مشاريع الخير وإلى أعمال البر؛ إن لهم من الأجر مثل أجور أولئك الذين انتفعوا بدعوتهم واستجابوا لندائهم، وشاركوا في أعمال الخير بسببهم، بل إنني أقول: إن الرسول صلى الله عليه وسلم قام بشخصه الكريم بمثل هذا العمل النبيل الجليل، ففي صحيح مسلم، من حديث جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه: {أن قوماً من مضر جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم متقلدي السيوف والعباءة، مجتابي النمار، فقراء جياع، حتى تمعَّر وجه النبي صلى الله عليه وسلم لما رآهم، وقام على المنبر، فقال عليه الصلاة والسلام: تصدق رجل من ديناره من درهمه، من صاع بره، من صاع تمره، حتى قال صلى الله عليه وسلم: ولو بشق تمرة، فجاء رجل بصرة كادت يده تعجز عنها، بل قد عجزت، وجاء آخر بصاع تمر، وجاء آخر بصاع بر، حتى رأى الصحابي رضي الله عنه أكواماً من الطعام، ورأى خيراً كثيراً من الذهب والفضة، فتهلل وجه النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: من سن في الإسلام سنة حسنة، كان له أجرها وأجر من عمل بها من بعده إلى يوم القيامة، من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة، كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده إلى يوم القيامة، من غير أن ينقص من أوزارهم شيء} .

فطوبى لك أيها الأخ المسلم، ولك أيتها الأخت المسلمة، إذا كنتم مفاتيح للخير، سارعتم إلى الإنفاق، وأعلنتم بالصدقة؛ فامتثل الناس وأسرعوا، وسننتم بذلك سنة حسنة، قال تعالى: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة:271] طوبى لكم إن كنتم دعاة إلى الخير، تفتحون للناس أبوابه، وتحرضونهم عليه، وتحثونهم على فعله، فيفعل الناس؛ فلكم أجركم وأجر من عمل بذلك بسببكم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015