سوف أذكر الآن كمقدمة بعض الإكرامات التي يقدمها المجتمع هنا للمرأة، لأؤكد أنه على رغم النقص والتقصير والظلم الذي يقع هنا أو هناك، إلا أن مجتمعنا لا يزال مجتمعاً -بحمد الله- أفضل من أي مجتمع آخر في مجال حفظ حقوق المرأة.
فمثلاً: البر بالأمهات والجدات، وتربية الكبار والصغار على ذلك، من السلام عليهن وتقبيلهن وتحيتهن صباحاً ومساءً، باعتبار أن هذا جزء من روتين الحياة اليومية للصغار والكبار، وتوفير جميع الخدمات والمتطلبات لهذا الجيل أو ذاك.
إن هذه المرأة في الغرب تراها في المطار وهي تتوكأ على عصا، وتتحامل على نفسها، وتجر وراءها عربة، أو يحسن إليها غريب، فيجر العربة معها، وهى تنتقل من مطار إلى مطار، أو تتقلب في ميادين العمل، أو على أحسن الأحوال ترقد في دور الرعاية الاجتماعية لا يعرف بها أحد، وهى تموت موتاً بطيئاً.
من كرامة المرأة في مجتمعنا الحرص على تحقيق بعض المطالب الشخصية لها، حتى إن البنت مثلاً -وهذا مثال رأيته ولمسته بنفسي- ترفضها الجامعة عن أن تقبل أو لا تجد لها ميداناً للعمل، فيسعى أبوها ويلح في الطلب، ويطرق كل باب حتى يفلح في تحقيق مطلب هذه البنت، أما الولد أخوها فربما جلس دون دراسة أو دون عمل لفترة سنة أو سنوات.
ومن ذلك الاحترام العام للمرأة في المجتمع، ومساعدة من يرون معه عائلة، وتقديم هؤلاء في سائر المرافق، فرجال المرور مثلاً أو الأمن، أو العاملون في المطار، أو سائر العاملين في أي قطاع أو مرفق، بل عامة الناس، يحترمون المرأة، ويسهلون مهمة الرجل الذي تكون معه أسرته أو عائلته.
إن الرجل يقف ليمر عبر الشارع فينتظر طويلا ً، أما المرأة فإن الجميع يقف لها احتراماً وتقديراً ومراعاةً لظروفها، وحتى في حالة حصول خطأ من بعض النساء أو تعدٍ فإن الكثيرين من الرجال يحجمون عن مقابلة ذلك بمثله، صوناً للمرأة، والتزاماً بالأخلاقيات العامة التي تحكم المجتمع.
إن من الكرامة التي يقدمها المجتمع للمرأة توفير الكثير من الاحتياجات والخدمات لها في بيتها، فالرجل مثلاً وهو القيم الذي يكدح ليوفر لها الغذاء والكساء والدواء، وقد ساهمت الآلات والتيسيرات الحديثة في تخفيف المسئوليات عن المرأة، فلم تعد مكلفة مثلما كانت بالأمس قبل سنوات ليست بالطويلة، بالغسيل اليدوي، والخياطة لنفسها وأهلها وولدها وزوجها، بل حتى ملابسها يقوم بها غيرها, وأصبحت ألوان الأطعمة الجاهزة في متناول يديها، يخفف ذلك أعباء الحياة المنزلية تخفيفاً كثيراً.
هذه مجرد نماذج سريعة، وهى تقدم للمرأة دون مَنٍّ ولا أذى، فإن المرأة التي تخدم ليست عنصراً غريباً على المجتمع، ولا شيئاً دخيلاً، هي أمي وأمك، وأختي وأختك، وزوجي وزوجك، وقريبتي وقريبتك، فهي جزء منا، وما نقدمه لها هو بعض من واجبنا ومسئوليتنا، فضلاً عما تلقاه المرأة من حفاوة في بيتها ومقر عملها ومدرستها، وغير ذلك في غالب الأحيان.