أين نحن من هدي القرآن الكريم؟! قال الله تعالى في سورة المائدة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [المائدة:8] فأمرنا الله تعالى أن نقوم له سبحانه بالحق والعدل والقسط، وأن نشهد بذلك على القريب والبعيد، وعلى العدو والصديق، وألا تحملنا العاطفة، حباً أو بغضاً، عداوة أو صداقة، على أن نجور أو نظلم، بل واجب علينا أن نعدل، فالعدل اقرب للتقوى، وفي سورة النساء: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً} [النساء:135] فَتَحصَّل من مجموع هاتين الآيتين الكريمتين ما يلي: أولاً: وجوب القيام بالقسط، وهو العدل لله تعالى، لا لأجل غرض آخر، فنحن مثلاً لا نقوم بالقسط والعدل؛ لأنه في مصلحتنا كما هو شأن المنافقين {وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ * وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ} [النور:48-49] لا، لأنه الحق؛ ولكن لأنه في مصلحتهم، يحقق لهم أرباً دنيوياً، كلا! بل يجب أن نقوم بالقسط وهو العدل، نقوم بذلك لله تعالى لا لغيره.
ثانياً: أن من الواجب علينا أن نقوم بحقوق الله تعالى، أن نقوم لله تعالى بعبادته وطاعته أيضاً، نقوم بهذا العمل ابتغاء مرضاته، لا رياء ولا سمعة، وفي حديث عبادة بن الصامت وهو في الصحيحين {أن النبي صلى الله عليه وسلم بايعهم وكان مما أخذ عليهم: وأن نقول بالحق حيثما كنا لا نخاف في الله لومة لائم} فالحق يقال به، ولابد أن يعلن مهما كان الأمر.